للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن كلام العلامة رحمه الله تعالى: واستحي من الله وقلبُك قلبُه، ولبُّك لبُّه، وكلُّك، فهو فاطره وربه أن تشتغل بمقة من شغل بمقته قلبه قلبك، وأن تعكف على مُوادَّةِ من عَكَفَ على محادثة لُبِّه لبّك.

ونحو كلام الزمخشري هذا حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري وغيره: " من عادى لي وليّاً فقد آذنته بحرب، وما تقرَّب إلي عبدي بأحبَّ ممَّا افترضتُ عليه، ولا يزال عبدي يتقرَّب إلي بالنوافل حتَّى أُحبَّه، فإذا أحببتُه، كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصرُ به، ويده التي يبطِشُ بها " الحديث (١) وهو أساس علم الصوفية.

ومن ذلك قوله تعالى: {فأرسلنا إليها رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ} [مريم: ١٧]. قال الزمخشري (٢): هو مثل قولك لحبيبك: يا روحى أو كما قال.

وقد شبه البلغاءُ بما يتخيل مما لا وجود له البتة، قيل: ومن ذلك قوله تعالى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافات: ٦٥]، وقد تقدم.

ومن مُستطرفِ هذا النَّوع قوله:

وكأنَّ مُحْمَر الشَّقيـ ... ـقِ إذا تُصَوَّبَ أو تَصَعَّدْ

أعلام ياقوتٍ نُشْرْ ... نَ على رِمَاحٍ من زَبَرْجَدْ (٣)

فإن أعلام الياقوت ورماح الزبرجد غير موجودةٍ، فإذا حَسُنَ تشبيه الموجود بما لا وجود له البتة، فكيف يلزم من التشبيه الاستواء بين المشبه والمشبه به؟

ومن مُستملحِ هذا النوع قول أبي نواس:


(١) تقدم تخريجه ص ١٣٥ من هذا الجزء.
(٢) في " الكشاف " ٢/ ٥٠٥.
(٣) البيتان غير منسوبين في " معاهد التنصيص " ٢/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>