للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن صحَّ قولُكما، فليس بضائِري ... أو صحَّ قولي، فالوَبَالُ عَلَيكُما (١)

والله سبحانه وتعالى أعلم وفي المسألة مباحث كثيرة تركتها اختصاراً.

وأما الفائدة الثالثة: وهي أن الخبر ليس بما يستحيلُ تأويلُه، فالأمر في إمكان التأويل واضحٌ، ولله الحمد.

والعجبُ من السيد كيف ألحق هذه الأحاديث بذلك الفنِّ الأول، فليس بينهما مقارنةٌ. وبيان ذلك أن تلك الأحاديث المتقدِّمة تعلق بالكلام في ذاتِ الله تعالى وصفاته التي لا يجوز فيها التَّغيُّر والنسخ، وهذه الأحاديث تعلق بأفعاله، والتغيُّر والنسخ جائزٌ فيها.

وقد ادعى السيد أن هذه الأحاديث تُناقِضُ قوله تعالى: {وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} [الانفطار: ١٦] فلنتكلم في فصلين:

أحدهما: في بيان أنها لا تناقض ذلك ولا غيره من عمومات القرآن.

وثانيهما في ذكر وجهٍ من وجوهِ التأويل التي يمكن حملها عليه.

أما الفصل الأول: فاعلم أن قول السيد إنها تناقض قوله تعالى: {وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} غير صحيح، ولعله -أيده الله تعالى- لا يخفى عليه أن العموم والخصوص لا يتناقضان على القطع في نفس الأمر، بحيث يُقطع بكذبِ أحدهما، وأما الظاهر منهما، فإن وردا فيما لا يصحُّ فيه النسخ، لم يتعارضا، وبنى العموم على الخصوص باطناً وظاهراً، وإن وردا فيما يصح النسخ فيه، لم يتعارضا باطناً، وأما ظاهراً، فإن عَلِمَ المتأخِّر، فلا معارضة بينهما في الباطن ولا في الظاهر، وإن لم يعلم التاريخ، فلا معارضة في الباطن قطعاً، بل يعلم أن


(١) البيت للمعري من قصيدة مطلعها:
قال المنجِّمُ والطبيب كلاهما: ... لا تُحشَرُ الأجساد، قلت: إليكما
انظر " اللزوميات " ٢/ ٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>