للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} وغيرها مما يأتي بيانه، وأنه مُخَصَّصٌ للمجازاة على كل شيءٍ إن شاء الله تعالى بالكافرين (١)، وكذا نحو قوله تعالى: {ومن يوق شُحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون} [التغابن: ١٦]، يخصونه بكون الزكاة شُرعت مُسقطةً لبقية الحقوق ومطيبةً للأموال، فلو ذهب جميع ما يَمْلِكُ من غير نيةِ الزكاة ولا مصرفها، ولم يُزَكِّ ماله، لم ينفعه ذلك، ولو شحَّ ببقية ماله بعد إخراج الواجب (٢) لم يَضُرَّه ذلك، وسمعتُ بعضهم يقول: إنما يُخَصُّ القرآن بهذه الأخبار الآحادية، لأنها عمليةٌ ظنية، والاعتقاد لا يدخله الظنُّ.

قلت له: فمحالٌ أن تُجوِّزوا صدقها عند العمل بها، واعتقادكم جازمٌ أن العموم لم يُخصَّ بها، أو أن تعملوا بها، واعتقادكم جازم على أنها مكذوبةٌ باطلةٌ، أو أن تعتقدوا أنها تُفيدُ العلم دون سائر أخبار الثقات، وهذا مُبْطِلٌ لقولهم: لا يصح التَّعبُّدُ بالظن فيما سبيله الاعتقاد، وهذا وقولهم: إن الاعتقاد لا يُخَصَّصُ يَبْطُلُ بمعارضتهم مثله في آيات الوعد، فما صنعوا فيها صنع أهل السنة في آيات الوعيد مثله (٣) مع أنه مخالفٌ للظاهر من إجماع العترة حيث خصَّصُوا آية النجوى بما رُوي من تفرُّد علي عليه السلام بالعمل بها (٤)، مع أن ظاهر القرآن أنه لم يعمل بها أحدٌ، لقوله تعالى: {فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [المجادلة: ١٣]، فخص أهل البيت علياً عليه السلام بحديثٍ آحادي، ولم يكن ذلك تكذيباً لكتاب الله تعالى عند أحدٍ ممن يعقلُ التخصيص، ويدري بالتفسير والحمد لله.

بل صرَّحوا بشفاعة قارىء: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] لمن عرفه في النار كما مر من رواية محمد بن منصور عنهم، عن علي عليه السلامُ في " علوم آل محمد - صلى الله عليه وسلم - "، وأوضحُ من هذا تخصيصهم للآل بآية التطهير دون نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ظهورها فيهن، والاتفاق على أن سياقها، وما قبلها (٥)، وما بعدها


(١) في (ف): " للكافرين ".
(٢) في (ف): " الزكاة ".
(٣) في (ف): " مثل "، وهو خطأ.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) في (ف): " سياق ما قبلها ".

<<  <  ج: ص:  >  >>