للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم} [المائدة: ٣٣ - ٣٤]، وكان نزولها في الذين قَتَلُوا رَاعِيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالاتفاق كما في دواوين الإسلاها كلها (١) مثل ما أن آية الفرقان نزلت في مشركي قريش كما في الكتب الصحيحة من حديث سعيد بن جُبير، عن ابن عباس (٢) فإن قيل: إنها نزلت في الرعاء وكانوا مرتدين، وابن عباس لم يُخالِفْ في توبة الكافر والمرتد من القتل والكفر. قلنا: وآية القتل نزلت في مرتدٍّ عن الإسلام كما سيأتي، فإما أن يُعتبر العموم في جميع المواضيع، أو تُعتبرَ الأسباب، وأيضاً فإن جوابنا على تقدير اعتبار العموم المتأخر.

وكذلك قوله تعالى: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِين} [يوسف: ٩] فيه ما يدل على صحة التوبة من القتل في شرع من قبلنا، وشرعنا أكثر ترخيصاً وتيسيراً بالإجماع.


(١) أخرجه أبو داود (٤٣٦٦)، والنسائي ٧/ ٩٤ من طريق عمرو بن عثمان عن الوليد، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أنس. أن نفراً من عُكْلٍ قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فاجتووا المدينة، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأتوا إبل الصدقة، فيشربوا من أبوالها وألبانها، ففعلوا، فقتلوا راعيها، واستاقوها، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - في طلبهم، قال: فأُتِيَ بهم، فَقَطَّعَ أيديهم وأرجلهم، وسمَّرَ أعيُنَهم، ولم يحسمهم، وتركهم حتى ماتوا، فأنزل الله عز وجل: {إنما جزاءُ الذين يحاربون الله ورسوله} الآية. وذكره عبد الغني في " إيضاح الإشكال " من طريق أبي قلابة مختصراً كما في " الدر المنثور " ٣/ ٦٦ - ٦٧.
وأخرجه أحمد ٣/ ١٦٣ و٢٣٣، والطبري (١١٨٠٨) و (١١٨٠٩) و (١١٨١٥)، والواحدي في " أسباب النزول " ص ١٢٩ - ١٣٠ من طرق عن قتادة، عن أنس نحوه. وفي آخره: قال قتادة: فبَلَغَنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله}.
قلت: وأخرج القصة من حديث أنس البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه ولم يذكروا فيها سبب نزول الآية.
(٢) أخرجه البخاري (٣٨٥٥)، ومسلم (٣٠٢٣) (١٨) و (١٩)، وأبو داود (٤٢٧٣) و (٤٢٧٤)، والنسائي ٧/ ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>