للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد صَحَّتِ الأحاديث بإخراجه من ترجِّي المغفرة المحضة عند الجمهور، إنما بقي الخلاف في أنه من أهل الخلود والكفارات أو لا كما سيأتي.

الحجة الخامسة: ما تقدم هو ما رواه أبو داود والنسائي من حديث واثلة بن الأسقع أن ناساً من عبد القيس سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صاحبٍ لهم أوجب النار بالقتل، فقال: " أعتِقُوا عنه يعْتِقِ الله بكل عضوٍ منها عضواً منه في النار ".

وإسناده قوي، خرَّجه الحاكم في العتق من " المستدرك " وقال: على شرطهما (١)، وتشهد له أحاديث فضل العتق كما يأتي، وهذا من قبيل، التكفير، لا من قبيل المغفرة المَحْضَة قوله تعالى: {إنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السيئات} [هود: ١١٤]، في عشر آياتٍ أو أكثر في معناه كما يأتي خصوصاً على قول الخصوم: إن العموم في الأخبار يفيد الاعتقاد القاطع، ولا يجوز تخصيص الاعتقاد كعمومات الوعيد سواء.

الحجة السادسة: أنه لا يَجِبُ قتله بولده، ولو كان كُفراً قُتِلَ بالكفر، وسواءٌ كفر بقتل ولده أو غيره، وكذلك لا يُقْتَلُ بعبده على الخلاف في ذلك، وكذلك (٢) اختلفوا في قتلِ الرجل بالمرأة وإن كان فيه شذوذ، بل اختلفوا في القتل إذا كان بالحجر ونحوه، ولم يكن بالسيفِ ونحوه، فلم يوجبْ أبو حنيفة فيه القصاص ولا القتل.

الحجة السابعة: ما تقدَّم من حديث عبادة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بايعهم ليلة العقبة على أشياء أن لا يفعلوها، منها: قتل أولادهم، ثم قال: " فمن عُوقِبَ بشيءٍ من ذلك في الدنيا، فهو كَفَّارتُه، ومن لم يعاقب فأمره إلى الله إن شاء عذَّبَه وإن شاء عَفَا عنه " (٣) وسيأتي تمام البحث فيه، ويعضد عمومه ما رواه النسائي (٤)


(١) حديث صحيح أخرجه أبو داود (٣٩٦٤)، والنسائي في " الكبرى " كما في " التحفة " ٩/ ٧٩، والحاكم ٢/ ٢١٢. وانظر تمام تخريجه في " صحيح ابن حبان " (٤٣٠٧).
(٢) من قوله: " أنه لا يجب " إلى هنا ساقط من (د) و (ف).
(٣) تقدم تخريجه ص ٢٨.
(٤) ٨/ ١٧ - ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>