للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نزلت لي خاصةً، وهي لكم عامة (١)، والحق أن ذلك يختلف بحسب القرائن، ففي التحليل والتحريم يكون للعموم، لأن الحكم لو اختص بالواحد من غير عموم لزم عمومه، لأن حكم التكليف واحد، وحكم الرسول على الواحد حكمه على الجماعة (٢)، كيف إذا انضمَّ إلى ذلك العموم، وفي غير ذلك (٣) نقف على القرائن والله سبحانه أعلم.

فإن قيل: إن أول الكلام في القتل مسوقٌ في قتل المؤمن للمؤمن، لأن الآيات في ذلك مصدرة بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأ} [النساء: ٩٢] إلى آخر ما ذكره في أحكام قتل الخطأ، فيلزم أن تكون هذه الآية الثانية كذلك.

قلنا: هذا لا يلزم، وقد قال الله تعالى في سورة البقرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيم} [البقرة: ١٠٤] وقال في آخر آية الظِّهار بعد خطاب المؤمنين: {وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم} فهذه آيةٌ واحدة جعل أولها خطاباً للمؤمنين، وآخرها مختصاً بالكافرين ووعيداً لهم، فكيف بآيتين مختلفتين، خصوصاً مع طول الأولى، ونزول الثانية على سببٍ يختص بالكافرين، وقد ثبت في " صحيح مسلم " وغيره نزول قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: ٣٣] في علي وفاطمة وابنيهما عليهم السلام (٤) مع أن الآيات قبلها وبعدها في نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهن، فلم (٥) يمنع ذلك من قبول الرواية في ذلك.

فلو سلمنا أن آية القتل نزلت صريحةً في المسلمين لكانت خاصةً فيمن


(١) أخرجه البخاري (١٨١٦)، ومسلم (١٢٠١).
(٢) في (ش): " كحكمه على الجملة ".
(٣) في (ش): " وفي ذلك العموم ".
(٤) تقدم تخريجه ص ٥٨.
(٥) في (ش): " لم "

<<  <  ج: ص:  >  >>