للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك حديث علي عليه السلام المتفق عليه الذي فيه: " لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة " (١) وفيه شهادة لعدم خلودهم في النار مع الكفار متى كانوا مسلمين، مع أنهم قاتلون لأنفسهم.

وكذلك حديث عبادة المتقدم (٢) المتفق على صحته في تكفير العقوبات الدنيوية كالحدود لمن فعل شيئاً مما بُويعوا عليه، ومن ذلك الذي بويعوا عليه: [عدم] قتل أولادهم وفيه تفويض أمرهم في الآخرة إلى الله تعالى، وعدم الجزم بيقين عذابهم، ولا يخفِّف ذلك كونهم أولادهم، فإنه أعظم للإثم لقطيعة الرحم مع وزْرِ القتل، ولا كونهم صغاراً، لأنه أعظم من الإثم حيث لم يذنبوا قطعاً، ويدل عليه تخصيص الموؤودة بالسؤال والإشارة إلى سبب تخصيصها بقوله عز وجل: {بأيِّ ذنبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: ٩].

وكذلك صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من مات له ثلاثةٌ من الولد لم يبلُغُوا الحِنْثَ كانوا له حِجاباً من النار " وقد مرَّ (٣)، فقُيِّدَ بعدم بلوغ الحنث لذلك، ولأنهم وُلِدُوا على الفطرة، ولذلك كتب لهم ما عَمِلُوا قبل البلوغ من حجٍّ وصلاةٍ، كما وردت به النصوص، ويصح عتقهم عند كثرٍ من العلماء في كفارة القتل لدخولهم في أهل الإسلام والإيمان اسماً وحُكماً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " كُلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفطرة، وإنما أبواه يهودانه وينصرانه " (٤) وقوله بعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: ٣٠]. وفي


(١) أخرجه البخاري (٤٣٤٠) و (٧١٤٥) و (٧٢٥٧)، ومسلم (١٨٤٠)، وأبو داود (٢٦٢٥)، والنسائي ٧/ ١٥٩. ولفظه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ جيشاً وأمَّرَ عليهم رجلاً، فأوقد ناراً وقال: ادخلوها، فأراد ناسٌ أن يدخلوها، وقال الآخرون: إنا قد فررنا منها، فذُكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال للذين أرادوا أن يدخلوها: " لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة " وقال للآخرين قولاً حسناً، وقال: " لا طاعة لمخلوق في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف ". لفظ مسلم.
(٢) تقدم ص ٢٨.
(٣) تقدم ص ٤٧.
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>