للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدَّله في جميع هذه الأمور، فربَّما أن الإنسان يَصْحَبُ غيرَه السنين العديدة، ولا يَعْرِضُ له ما يُوجب خبرتَه في بعض هذه الأشياء، فإنه لا يختبره في أنه لا يكشِفُ عورَتَه في الحمام على التعيين، إلا إذا اتَّفق أنهما دخلا معاً الحمام، ورأى محافظته على ذلك، وظهرت قرائنُ أنه فعل ذلك لأجل الوجوب، لا بمجرد الحياء. وكذلك لا يختبرُه أنه يأكل أموالَ الأيتام إلا إذا وَجَدَ مال أيتامٍ، واحتاج إليه، وتركه مع الحاجة إليه وهو يُشاهد ذلك ونحوه مما يكثر تعدادُه، وَكُلُّ ذلك ليس بشرط في الاختبار، وإنما يشترط أن يرى مِن محافظته في أمور الدين ما يغلب على ظنِّه معه إنه ممن يُعَظِّمُ شعائرَ الدِّين وتَسُرُّه حسنتُه، وتسوؤه سيئته، ولا يُصرُّ على القبائح وإهمالِ الفرائض.

فإن قلت: أقلُّ من هذا التفصيل يكفي؟ قلنا: إما أن يكفي الإجمال، كفى قوله: إنه ثقة، وإما أن يجبَ التفصيلُ، فلا يجوزُ الاكتفاءُ بالإجمال في كل مكان، وأمَّا أن الإجمال يجوز في موضع ويمتنع في موضع فهذا تحكم. فإن قلتَ: إنَّما اشترطنا التفصيلَ مِن فاسق التأويلِ وكافرِه، لأنه لا يُؤمن أن يعدِّل من يعتقد عدالته وهو غيرُ عدل عند مَن لا يقبلُ المتأولين.

قلنا: لا معنى لهذا، لأنَّكم لا تقبلونه، سواء عدل على جهة الإجمال، أو على جهة التفصيل، ومن يقبله، فإنه لا يفرق بينَه وبينَ غيره في التعديل، لأنَّه إنما يخاف منه أن يُعدِّل المتأولين، فيجب ممَّن يقبلهم أن يقبَله، فإذاً إنما الخلاف في قبوله، وسيأتي أن القولَ بقبوله، وهو قولُ جماهيرِ أهلِ البيت، وجماهيرِ العلماء.

وأما الجرحُ، فالقولُ باشتراط التعيين فيه ممكن، لأن الجارح إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>