للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُوي: لولا أنه في كتاب الله بالنون، وهي في " الموطأ " (١)، قال النووي (٢): والأولى هي الصحيحة، ومعناه على هذه الرواية الإشارة إلى قوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤]، يريد لا فائدة في الكتم، وقد ظهر هذا في كتاب الله تعالى، وعلى تسليم صحة هذه الزيادة فإن الجمع بين هذه الأحاديث يجوز أن يقتضي رُجحان الظن لغُفران جميع الذنوب بفضل الصلوات بدليل حديث أنس الصحيح المقدم (٣) الذي فيه: " اذهب فقد غفر الله لك حَدَّكَ "، وبيانه أن الزيادة هذه لا تدل على عدم المغفرة للكبائر بالنص، بل بالمفهوم، وشرطُ المفهوم أن لا يكون للتخصيص بالذكر وجهٌ إلاَّ المخالفة (٤)، وهنا وجهٌ ممكن غير المخالفة، وهو خوف المفسدة في البيان في بعض الأحوال كما سنذكره، فيكون المطلق هنا أكثر فائدةً من المقيَّد، فلا يكون للقيد مفهومٌ، كما قَوَّوا ذلك في صورة النهي، كالنهي عن القِرَان في التمر مُطلقاً (٥)، والذي يشهد لهذا ما ثبت من أمثاله، وهي كثيرةٌ، من ذلك ما اتفقوا على صحته من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من مات له ثلاثةٌ من الولد لم تمسَّه النار إلاَّ تَحِلَّة القسم " (٦). ومفهوم هذا


(١) ١/ ٣٠ - ٣١.
(٢) في " شرح صحيح مسلم " ٣/ ١١١.
(٣) ص ١٣١.
(٤) في (ش): " بالمخالفة ".
(٥) أخرجه أحمد ٢/ ٧ و٤٤ و٤٦ و٧٤ و٨١ و١٠٣، والبخاري (٢٤٥٥) و (٢٤٨٩) و (٢٤٩٠) و (٥٤٤٦)، ومسلم (٢٠٤٥)، وأبو داود (٣٨٣٤)، والترمذي (١٨١٤)، وابن ماجه (٣٣٣١) ولفظه: " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرن الرجلُ بين التمرتين حتى يستأذن أصحابه ".
والقِران، ويُروى الإقران، والأول أصح، وهو أن يقرن بين التمرتين في الأكل، وإنما نهى عنه، لأن فيه شرهاً، وذلك يُزري بصاحبه، أو لأن فيه غبناً برفيقه. وقيل: إنما نهى عنه لما كانوا فيه من شدة العيش، وقلة الطعام، وكانوا مع هذا يواسون من القليل، فإذا اجتمعوا على الأكل، آثر بعضهم بعضاً على نفسه، وقد يكون في القوم من قد اشتد جوعه، فربما قرن بين التمرتين، أو عَظَّمَ اللقمة، فأرشدهم إلى الإذن فيه، لتطيب به أنفُس الباقين. " النهاية " ٤/ ٥٢ - ٥٣.
(٦) تقدم ص ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>