للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُمناء أصحابه رضي الله عنهم.

الآية الأولى: قوله تعالى في الزمر [٣٢ - ٣٦]: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (٣٢) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥) أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَه} وفي قراءة {عباده} (١). والبشرى فيها من وجهين:

الوجه الأول: أنه ثبت بها إن الصادق، المصدِّق بقلبه المخلص للتصديق من المتقين، وهذا صحيحٌ في السمع واللغة.

أمَّا السمع: فهذه الآية وغيرها مما يأتي بعدها.

وأما اللغة، فلأنه قد اتقى جميع أنواع الشرك والكفر، وكل من فعل فعلاً وجب في اللغة أن يُشتَقَّ له منه اسمٌ، فيجب أن يشتق له اسم المتقي، كما أنه لو عصى معصيةً واحدةً، وجب أن يُشتَقَّ له اسم العاصي، وقد قال الله في آدم وهو نبيٌّ ذنُبه صغيرٌ: {وعصى آدمُ ربَّه فغوى} [طه: ١٢١]، فنسب إليه المعصية والغِوايَة بصغيرةٍ مكفَّرةٍ في جنب حسناته، فكيف لا يُنسَبُ إلى المسلم تقوى أعظم الذنوب، ويُشتَقُّ له منها اسم المتَّقي بخلاف الاتقاء، فلا يكون إلاَّ لمن ترك الشرك والكبائر؟ وهو الذي يُجَنَّبُ النار، كما قال تعالى: {وسَيُجَنَّبُها الأتقى} [الليل: ١٧]، وقال: {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء: ١٠٢]، وأما التقي، فيردُها، ثم ينجو برحمة الله، كما قال تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} [مريم: ٧١ - ٧٢].

والذي يوضِّح هذه المسألة: قوله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: ٢٧]. وقد أجمعت الأمة على صحة طاعات أهل الكبائر من


(١) هي قراءة حمزة والكسائي. انظر " حجة القراءات " ص ٦٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>