للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤاخذ بما عَمِلَ في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام، أُخِذَ بالأولِ والآخِرِ"، فدلَّ على أن الإساءة في الإسلام هي النِّفاق، أو الرِّدَّة، للإجماع على أن الإسلام يجُبُّ ما قبله، وأن صحيح الإسلام إذا عمل كبيرةً، لم يُعَاقَبْ بالشركِ الذي تاب منه.

وأما حديثُ أبي هريرة عنه - صلى الله عليه وسلم -، ففيه: " إذا أحسن أحدكم إسلامه، فكل حسنةٍ يعملها تُكتب بعشر أمثالها إلى سبع مائة ضعفٍ، وكل سيئةٍ يعملها تُكتب بمثلِها، حتى يلقى الله " (١) فجعله محسناً في إسلامه في كلا حالتيه، مع عمل الحسنات، ومع عمل السيئات.

وقد ذكر الخطابي (٢) هذا المعنى - أعني أن الإحسانَ في الإسلام: إخلاصه من النفاق، والأحاديث المتفق على صحتها تدل عليه، وكذلك الآيات المذكورة وغيرها، والحمد لله رب العالمين.

ومن ذلك حديث تفسير الإحسان، رواه مسلم عن عمر، والبخاري عن أبي هريرة (٣)، وفي لفظ البخاري في تفسير الإسلام: " أن تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وفي تفسير الإحسان: " أن تعبد الله كأنك تراه "، فدل على أن العبادة من الإسلام، لا من الإحسان، ألا ترى أن العبادة تقع من المُنافق كسائر أركانِ الإسلام، والإحسان لا يقع منه، لأنه ضدُّ النِّفاق، فلا يجمعان قطعاً. وقوله: " كأنك تراه لا يقتضي حقيقة المُماثَلَةِ " ألا ترى إلى قول الخليل: {ولكن لِيَطمَئِنَّ قلبي} [البقرة: ٢٦٠]، وقول الحواريين: {وتَطْمَئِنَّ قلوبنا} [المائدة: ١١٣]، وشكاية الصحابة الوسواس، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " ذلك محضُ الإيمان " (٤).


(١) أخرجه البخاري (٤٢)، ومسلم (١٢٩)، وأحمد ٢/ ٣١٧، وابن حبان (٢٢٨).
(٢) في " معالم السنن " ٤/ ٣٢١.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) أخرجه من حديث أبي هريرة أحمد ٢/ ٣٩٧ و٤٤١ و٤٥٦، ومسلم (١٣٢)، وأبو داود (٥١١١)، وابن حبان (١٤٦) و (١٤٨).
وأخرجه من حديث ابن مسعود مسلم (١٣٣)، وابن حبان (١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>