للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - أُري إبراهيم الخليل في الجنة وعنده أطفال الناس (١)، فقالوا: يا رسول الله وأطفال المشركين؟ قال: " وأطفال المشركين " (٢). وسيأتي ذكر مذهب أهلِ السنة في ذلك وبراءتهم مما يرميهم بعض أهل المقالات من القول بأنهم يُعذبون بذنوب آبائهم، تعالى الله عن ذلك علوَّاً كبيراً.

الآية السابعة عشرة: قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُور} [سبأ: ١٧]، وقريبٌ منها قوله تعالى: {كذلك نَجْزي كل كفورٍ} [فاطر: ٣٦]، لكن الأولى أصرح في نفي المُجازاة بالذنوب عن غير الكافرين، وهذا يختص بالآخرة، لما ورد من الأحاديث الكثيرة بالجزاء في الدنيا للمؤمنين على سيئاتهم بما يلقَوْنَ من الآلام وأنواع البلاوي، فنسأل الله العافية في الدارين، والإعانة على ترك الذنوب، فإن تركها أيسرُ مشقَّةً من عقوباتها، وهذه الآية هي العاشرة من هذا النوع المقدم ذكره، ومن عُذِّبَ في الآخرة حتى يُشْفَعَ له، فيحتمل أنه ما جُوزِيَ بجميع ما يستحقه، لأنه لو جوزي، لكان خالداً أو معذباً عذاباً أطول من ذلك بمُدَدٍ متطاولةٍ، ويحتمل أن الذين لا يُجْزَوْنَ بسيئاتهم هم الذين لم يكن في نفسهم من التوحيد نقصانٌ، كما أشارت إليه الأحاديث، وقد تقدم في الجمع بين الأخبار المختلفة في أول المسألة.

الآية الثامنة عشرة: في التغابن -مدنية- {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ} [التغابن: ٩]، وقوله: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} [التغابن: ١١]، فقوله: {ويعمل صالحاً} لا يعم كقوله: {الصالحات}، فإنه نَكِرَةٌ مثبتةٌ، كقولك: رأيتُ رجلاً، فإنه لا يفيد العموم، بخلاف النفي، كقولك: ما رأيتُ رجلاً، فإنه يفيد. ويوضحه قوله: {يكفر عنه سيئاته}.

الآية التاسعة عشرة: فيه أيضاً قوله تعالى: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [التغابن: ١٧]، وهي من أحسن


(١) " الناس " ساقطة من (ف).
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>