للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفتدياً بها؟ فيقول: نعم، فيقول: قد أردت منك أيسر من هذا، ألاَّ تُشْرِكَ بي شيئاً، ولا أدخلُك النار وأُدخلك الجنة، فأبيت إلاَّ الشرك". أخرجاه، واللفظ لمسلم.

وفيه دلالة على ما دلَّ عليه القرآن من أنها أُعدَّت للكافرين، لأنه جعل أيسرهم عذاباً مشركاً.

وفيه أنه لا يدخلها إلاَّ أهل الشرك، فدل على الفرق بين دخولها من أبوابها التي لا تُطْبَقُ على الداخلين للخلود، وبين وُرُودِ من يرِدُ عليها، ووقوع من يقع من طريق الجنة إليها ثم يميته (١) فلا بقاء (٢) له فيها حيّاً سالِماً حتى يشفع له أكرمُ شفيعٍ إلى أكرم الأكرمين وأرحمِ الراحمين، فيخرجُ مرحوماً مكرَّماً.

وقد خرَّج مسلمٌ (٣) من حديث يزيد بن صُهيبٍ الفقير، قال: كنتُ قد شغفني رأيٌ من رأي الخوارج، فخرجنا في عصابةٍ ذوي عددٍ نريد أن نحج، ثم نخرج على الناس، قال: فمررنا على المدينة، فإذا فيها جابر بن عبد الله جالس إلى ساريةٍ يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هو قد ذكر الجهنَّميِّين، فقلت: يا صاحب رسول الله، ما هذا الذي تُحَدِّثُونا، والله يقول: {إنك من تدخل النار فقد أخزيته} [آل عمران: ١٩٢]، و {كُلَّما أرَادُوا أن يَخْرُجوا منها أُعِيدوا فيها} [السجدة: ٢٠]، فما هذا الذي تقولون؟ قال: أتقرأُ القرآن؟ قلت: نعم. قال: فإنه مقامُ محمدٍ المحمود الذي يُخرج الله به من يُخْرِجُ.

وفي رواية رزين قال جابرٌ: فاقرأ ما قبله، يريدُ الآية الثانية، وفي الأولى ما بعده، فإنه في الكفار، ثم اتفقا.

قال: ثم نَعَتَ وَضْعَ الصراط، ومَرَّ الناس عليه، وأخافُ أن لا أكون أحفظُ ذلك، غير أنه قد زعم أن قوماً يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها. الحديث.


(١) " ثم يميته " ساقطة من (ف).
(٢) في (ش): " يبقى ".
(٣) برقم (١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>