للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذنب، مِنْ أصرَّ الحمارُ على العانة.

وقال الزمخشري أيضاً في " الكشاف " (١) في تفسير قوله تعالى: {وأصروا واستكبروا استكباراً} من أصرَّ الحمارُ على العانة: إذا صرَّ أذنيه، وأقبل عليها، يكدُمها ويطرُدُها، استُعِير للإقبال على المعاصي والإكباب عليها. انتهى بحروفه من " الكشاف ".

وقوله: صرَّ أُذنيه: أي سوَّاها، وقوله: يكدُمها: أي: يعَضُّها.

وقال (٢) في تفسير قوله تعالى: {ولم يُصِرُّوا على ما فعلوا وهم يعلمون} [آل عمران: ١٣٥]، ولم يقيموا على قبيح فعلهم، غير مستغفرين، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ما أصر من استغفر، وإن عاد في اليوم سبعين مرةً " (٣). ورُوِيَ: " لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار " (٤) انتهى بحروفه من " الكشاف " (٥).

وقد ظهر من مجموع كلامهم أن منهم من جعل الإصرار مجرد الإقامة على الذنب، ومنهم من شَرَطَ في هذه التسمية العزم على عدم التوبة والهمِّ بها، كما صرَّح به صاحبُ " الضياء "، وقد صرَّح به القاضي عياض بالاختلاف في تفسير الإصرار، وإن منهم من قال: هو المُضِيُّ على العزم، وظاهر كلام الزمخشري في " كشافه " يعضُدُ هذا القول، كما هو الحقيقة في إصرار الحمار على العانة، إلا أن يُقال: هو قبلَ تمامِ الفعلِ المضي على العزم، وبعده: العزم على المُعاوَدَة والإقامة، ولا شك أن هذين إصرارٌ، وأما الإقامة مع العزم على التوبة وتسويفها، أو مع الهمِّ بها، والندم والاستغفار، ففي كونه إصراراً نظرٌ، لاختلاف أئمة اللغة في النَّقل، ولما في ظواهر القرآن والحديث في الاستغفار، والاعتراف والندم.


(١) ٤/ ١٦٢.
(٢) في " الكشاف " ١/ ٤٦٤.
(٣) تقدم تخريجه ص ١٨٠ من هذا الجزء.
(٤) تقدم تخريجه ص ١٧٣ من هذا الجزء.
(٥) من قوله: " وقوله: حد أذنيه " إلى هنا سقط من (ف).

<<  <  ج: ص:  >  >>