للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه بالاتفاق، لأنَّه مباح لا إثم فيه، وإنَّما عد جرحاً لمن هو في حقَّه دلالة على الاستهانة بالدِّين، وعدمِ المبالاة والخَلاعة، وقِلَّةِ الحياء، فحين صدر على وجهٍ يُعرف معه أنَّه لا يدل على ذلك، بل ربَّما عرف معه أنَّ صاحبه على العكس من ذلك، فأين دلالته على الجرح؟.

الوجه الثالث: لو قدرنا أنَّ هذا مما يجرح به، لكان مما يحتمل النظر والاختلاف، ولا يُعاب على من جرح به ولا على من لم يجرح به.

الوجه الرابع: سلَّمنا أنه مجروح، فيجبُ من السَّيِّد -أيَّدَه اللهُ- أن يُبيِّن كم روى هذا الأعرابيُّ مِن الحديث في كتب الصحاح، ومن أين له أنَّ أهلَ الصحاح رَوَوْا عنه؟.

الوجه الخامسُ: سلَّمنا أنَّهم رَووْا عنه، وأنه مجروح، فما وجهُ الاحتجاج على الشَّكِّ بتعذُّرِ (١) الاجتهاد بهذا، وليس يمنع هذا من إمكان الاجتهاد، بل كُلَّما كَثُرَ المجروحون، سَهُلَ الاجتهادُ، لأنه يَسْقُطُ التكليفُ بحديثهم، فَيقِلُّ التكليفُ بحفظه وبالعملِ به. والكلامُ مِن أصله إنّما هو في الاجتهاد، وأنّه متعسِّر أو متعذِّر.

الحجة الثانية: وفدُ بني تميم.

قال السَّيِّد -أيَّده الله-: إنَّه يلزم قبول حديثهم، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُون} [الحجرات: ٤].

والجوابُ من وجوه:


(١) في (أ) و (ج): تعذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>