للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منسوخة، وكم بين معرفة الناسخ والمنسوخ، ومعرفة معاني كُتُب العربية من مقدِّمتي ابنِ الحاجب الإعرابية والتصريفية (١) ومعرفة معاني تذكرة ابن مَتَّويْهِ، ومعرفة معاني مختصر منتهي السُّولِ (٢) وما تَضمَّنُ من المنطق والجدل وكلام المنطقيين في عكس النقيض، وكلامِ ابن الحاجب في الاستدلال وغيرِ ذلك من العلوم العويصةِ، والعباراتِ الدقيقة التي السَّيِّد مُدَّعٍ لمعرفتها، والتبريزِ فيها، إمَّا بلسان المقال، وإمَّا بلسان الحال، فإن التَّصدر للتدريس فيها قاضٍ بدعوى معرفنها، ومنادٍ بذلك نداءٌ صريحاً.

فما بال السَّيِّد يدَّعي معرفةَ الغوامضِ المتعسِّرة، وَيمْنَعُ غيرَه مِن معرفة الجليَّاتِ المتسهلة!

فإن قلتَ: قد طوَّل بعضُ العلماء في التصنيف في ذلك، ووسَّع


(١) الأولى تسمى الكافية والثانية الشافية، وقد شرح الكتابين شرحاً حافلاً نفيساً رضي الدين محمد بن الحسن الاستراباذي المتوفى سنة ٦٨٤ أو ٦٨٦ هـ، وخرج شواهد الكتابين، وشرحها شرحاً موسعاً عبد القادر بن عمر البغدادى المتوفى سنة ١٠٩٣ هـ. وابن الحاجب: هو أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الكردي المالكي، كان أبوه حاجباً للأمير عز الدين موسك الصلاحي فعرف به، اشتغل في صغره بالقرآن الكريم، ثم بالفقه على مذهب الإمام مالك ثم بالعربية والقراءات، وبرع في علومه، وأتقنها غاية الإتقان، ثم انتقل إلى دمشق، ودرَّس بجامعها في زاوية المالكية، وأكب الخلق على الاشتغال عليه، والتزم لهم الدروس، وتبحر في الفنون، وصنف مختصراً في مذهبه، وفي أصول الفقه، وفي العربية وخالف النحاة في مواضع، وأورد عليهم إشكالات وإلزامات ثم عاد إلى القاهرة، وأقام بها والناس ملازمون للاشتغال عليه، ثم انتقل إلى الاسكندرية للإقامة بها، وتوفي بها سنة ٦٤٦ هـ. " وفيات الأعيان " ٣/ ٢٤٨ - ٢٥٠.
(٢) هو من تأليف أبي عمر ابن الحاجب المتقدم، اختصره من كتاب " منتهي السول والأمل في علمي الأصول والجدل " وهذا الثاني مختصر من كتاب الآمدي المسمى بـ " الإحكام في أصول الأحكام " فهو إذن مختصر المختصر، وقد شرحه غير واحد من العلماء، وأهم شروحه " رفع الحاجب عن ابن الحاجب " لتاج الدين السبكي المتوفى سنة ٧٧١ هـ، ولم يطبع، وقد نُمي إلينا أن أحد طلبة العلم قد استنسخه، وهو بصدد تحقيقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>