للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" السَّيِّدِ " التي احتَجَّ بها على أنَّه يجبُ حفظ أقوالِ اللهِ، وأقوالِ رسوله، وأقوالِ الأمَّةِ عن ظهرِ قَلْبٍ.

قال: ولا يغرَّنَّكَ قولُ الغزاليِّ (٣) أو غيرِه: يكفيهِ أن يحْفَظَ في كُلِّ فَنٍّ مختصراً، ولا يلزَمُهُ حفظُهُ عن ظهرِ قلبِهِ، بل يكفيهِ أن يعْرِفَه نَظَراً، فإنَّ ذلِكَ غيرُ صحيحٍ ألا ترى إلى قولِه:

مَا العِلْمُ إِلاَّ مَا حَوَاهُ الصَّدْرُ ... لَيْسَ بِعلْمٍ مَا يَعِي القِمطْرُ (٤)

أقولُ: قد احتَجَّ " السَّيِّد " بثلاثِ حُجَجٍ هذه أُولاها وما أدري مما عُذْرُ " السَّيِّدِ " في تصديرِ الاحتِجَاجِ بقولِ الشاعر في مسألة مِن قوعِدِ الدِّين التي يَنْبنِي عليها كثيرٌ مِن مسائل الإسلامِ من الإمامَةِ العُظْمَى، ومرتبتي


= الحسن الشيباني الدوري البغدادي الحنبلي المتوفى سنة ٥٦٠ هـ. مترجم في " سير أعلام النبلاء " ١٨/.
قال ابن الجوزي في " المنتظم " ١٠/ ٢١٤: كانت له معرفة حسنة بالنحو واللغة والعروض، وتفقه وصنف في تلك العلوم وكان متشدداً في اتباع السنة، وسير السلف.
وقال ابن رجب في " ذيل الطبقات " ١/ ٢٥٢: صنف الوزير أبو المظفر كتاب " الإفصاح عن معاني الصحاح " في عدة مجلدات، وهو شرحُ صحيحي البخاري ومسلم، ولما بلغ فيه إلى حديث " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين " شرح الحديث، وتكلم على معنى الفقه، وآل به الكلامُ إلى أن ذكر مسائل الفقه المتفقَ عليها والمختلفَ فيها بين الأئمة الأربعة المشهورين، وقد أفرده الناسُ من الكتاب، وجعلوه مجلدةً مفردة، وسَمَّوه بكتاب " الإفصاح " وهو قطعة منه.
قلت: وقد طبع هذا الجزء بعناية علامة حلب الشيخ راغب الطباخ، مصدراً بترجمة حافلة للمؤلف.
(٣) في " المستصفي " ٢/ ٣٥٠ - ٣٥١.
(٤) القِمَطْر: ما يُصان فيه الكتب، وهو شبه سَفَطٍ يُسَفُّ من قَصَبٍ، والبيت غيرُ منسوب في " الصحاح " و" اللسان " و" العُباب " و" تاج العروس " وروايته عندهم:
لَيْسَ بِعِلْم ما يَعِي القِمَطرُ ... ما العِلْمُ إلاَّ مَا حَوَاهُ الصَّدْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>