للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في " مجمع الزوائد " للهيثمي (١) ومن ها هنا أوجَبَ أهلُ الحديثِ الإِسنادَ، لأن في العدول مَنْ يَقْبلُ المجاهيلَ، فيقبلُ الكذَّابَ، أو الشيطانَ لِظنه أنه مجهول، والمجهولُ عنده مقبول، فصار قبول المرسل يُؤدِّي إلى مِثْلِ هذا مِن حيث لا يَشْعُرُ مَنْ قَبِلَهُ، لأنَّه يقبل مراسيلَ الثقاتِ، وفي الثقات من يَقْبَل المجاهيلَ كالحنفيةِ فَتُقْبَلُ مراسيلُهم، وهم يقبلُون المجاهيلَ، وجميعَ المجاريحِ، والشياطينُ قد يكونون مِن جملة المجاهيل بالنسبة إلى بعض الأشخاصِ والأحوالِ، فاللهُ المستعانُ.

وينبغي مِن كُلِّ مسلمٍ صحيحِ الإِسلام أن يعتبر عن سماع هذه الأكاذيبِ بأمورٍ.

أحدها: أن يَنْظُرَ: هل هو يجترىء على تَعَمُّدِ الكذبِ على اللهِ ورسوله، ثم يظن فيمن غاب عنه مثل ما يجد من نفسه.

وثانيها: أن يَنْظُرَ لو يُفترى عليه مثل ذلك، وهو منه بريء كيف يكونُ ذلك العدوانُ عنده، فيحذر مِن مثلِه.

وثالثها: ينظر كيفَ قال تعالى في شأن أهل الإِفك (٢) حين قالوا، وفي مُصدقيهم حين صدَّقوه مع أنَّهم قالوا ذلك، وهم يظنُّون صِدقَهم، وحذقَهم، وَفطَانَتَهم فيما اختصُّوا بفهمه دونَ البلداء، والرميُ بالزنى أهونُ


(١) علي بن سليمان بن عمر بن صالح أبو الحسن الهيثمي القاهري الشافعي الحافظ المتوفى سنة ٨٠٧ هـ. وكتابه " مجمع الزوائد " مطبوع في عشرة أجزاء، جمع فيه الأحاديث التي لم ترد في الكتب الستة (البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة) من مسند أحمد، ومسند أبي يعلى الموصلي برواية ابن حمدان المختصرة، ومسند البزار، ومعاجم الطبراني الثلاثة: الكبير والأوسط والصغير، محذوفة الأسانيد، ورتبها على الكتب والأبواب، وتكلم على كل حديث منها تصحيحاً وتضعيفاً.
(٢) انظر الآيات ١١ - ٢٠ من سورة النور.

<<  <  ج: ص:  >  >>