للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطِّرَازِ الأولِ من أكابِرِ السادات مِن عِترته، كزيدِ بن علي، وأخيهِ الباقر، وجعفرٍ الصادقِ، ومَنْ لا يأتي عليه العَدُّ، ولهذا موضعُ غيرُ هذا وإنما القصدُ الإِشارةُ إلى بعض ما يُؤَدِّي إليه الغُلُوّ مِن فساد علوم الإِسلامِ، وفسادِ الظُّنون بأئمة العِترة عليهم السلام.

ثم إن الناسَ قد عاصروا أئمة الجَوْرِ الذين عادَوْا أميرَ المؤمنين وحاربُوه، وحاربُوا أهلَ بيته، وقتلوهم، وتَتَبَّعُوا مُحبِّيهمْ بالحرب والقتل والإهانة، وقد رخَّصَ اللهُ ورسولُه وأميرُ المؤمنين في التَّقيَّةِ، وقال تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (١) [النحل: ١٠٦] وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لعمارٍ: " إنْ عَادُوا لكَ فَعُدْ لَهُم " (٢) وقد كانُوا أكرهوه على سبِّ الله عَزَّ وَجَلَّ، ولذلك قال علي عليه السلام: فأما السَّبُّ فسُبُّونِي، فإنه لي زكاةٌ، ولكم نجاة. فكيف لا يُحْمَلُ على هذا المحمل الجليِّ الواضحِ منْ صدر عنه شيءٌ مِنْ ذلك إذا كان قبل ذلك معروفَ الإسلام لو صحَّ شيءٌ من ذلك عن أحدٍ من الأعلام، وإنما الذي لا يَحِلُّ بالِإكراه هو البراءة منه التي محلُّها القلب كالبُغضِ والعداوة. وقد خَفِيَ هذا المعنى على الشيخ ابن


(١) قال الحافظ ابن حجر في " الإصابة " في ترجمة عمار بن ياسر: اتفقوا على أنه نزلت فيه هذه الآية، وانظر " زاد المسير " ٤/ ٤٩٤ - ٤٩٦.
(٢) أخرج ابن سعد في " الطبقات " ٣/ ٢٤٩، الطبري في " جامع البيان " ١٤/ ١٨٢، وأبو نعيم في " الحلية " ١/ ١٤٠ من طريق عبد الكريم الجزري، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر، فلم يتركوه حتى نال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر آلهتهم بخير. فلما أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: ما وراءك؟ قال: شرٌّ يا رسول الله، والله ما تُرِكْتُ حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير، قال: فكيف تجد قلبك؟ قال: مطمئن بالإيمان، قال: " فإن عادوا فعد "، وأخرجه الحاكم ٢/ ٣٥٧ من طريق الجروي، عن أبي عبيدة، عن أبيه محمد بن عمار، وصححه ووافقه الذهبي مع أنَّه مرسل ومحمد بن عمار لم يوثقه غير ابن حبان، وقال الحافظ في " التقريب ": مقبول، يريد: أنه يقبل حديثه في المتابعة، أما إذا انفرد، فهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>