للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّهم إنما يقبلونه حيثُ لا يُعارِضُه حديث الثقةِ المعلومِ العدالة، ولكنهم يَرَوْن قبولَ حديثه، حيث لا يُوجَدُ له معارِضٌ أقوى منه، ولا شَكَّ أن الغالبَ على أهل الإسلام في ذلك الزمان العدالة، ويشهد لذلك الحديثُ الثابتُ المشهور " خَيْرُكُمُ القَرْن الَّذي أَنَا فِيهم، ثُمَّ الَّذِيْنَ يَلُونهُمْ، ثُمَّ الَّذِيْنَ يلُونهُم، ثُمَّ يَفْشُو الكذبُ مِنْ بَعْدُ " (١) وقد تقدم. وقد كان علي عليه السلامُ يستحلِف بعضُ الرُّواةِ، فإذا حَلَفَ له، قبلَهُ (٢). وهذا إنما يكونُ في حديثٍ منْ فيهِ لينٌ، ولهذا لم يسْتَحْلِفِ المِقْدَادَ لمَّا أخبره بحُكْمِ المَذْي (٣)، وقد روى الحافظُ ابنُ كثير في جزء جمعه في أحاديث السباق عن أحمد بن حَنْبل إنَّه كان يقول بالعمل بالحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب أصحُّ منه (٤)، وذلك على سبيل الاحتياط، لا على سبيلِ


(١) تقدم تخربجه في الجزء الأول ص ١٨٣ - ١٨٣ و٣٧٧.
(٢) تقدم تخريجه أيضاً في الجزء الأول صفحة ٢٨٤.
(٣) أخرجه البخاري (١٣٢) و (١٧٨) و (٢٦٩)، ومسلم (٣٠٣) عن علي، قال: كنت رجلاً مذُاء، فأمرت المقداد أن يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسأله، فقال: فيه الوضوء. وفي رواية: فقال: " توضأ واغسل ذكرك " وانظر تمام تخريجه في " صحيح ابن حبان " (١١٠٩) بتحقيقنا.
(٤) في مُسَوَّدة آل تيمية ص ٢٧٣: فصل: ذكر القاضي كلام أحمد في الحديث الضعيف والأخذ به، ونقل الأثرم " قال: رأيت أبا عبد الله إن كان الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إسناده شيء يأخذ به إذا لم يجيء خلافه أثبت منه، مثل حديث عمرو بن شعيب وإبراهيم الهجري، وربما أخذ بالمرسل إذا لم يجيء خلافه، وتكلم عليه ابن عقيل. وقال النوفلي: سمعت أحمد يقول: إذا روينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضائل الأعمال وما لا يرفع حكماً، فلا نصعب.
قال القاضي: قد أطلق أحمد القول بالأخذ بالحديث الضعيف، فقال مهنا: قال أحمد: الناس كلهم أكفاء إلا الحائك والحجام والكسّاح، فقيل له: تأخذ بحديث " كل الناس أكفاء إلا حائكاً أو حجاماً. وأنت تضعفه؟! فقال: إنما نضعف إسناده، ولكن العمل عليه، وكذلك قال في رواية ابن مُشيش وقد سأله عمن تحل له الصدقة، وإلى أي شيء تذهب في هذا؟ فقال: إلى حديث حكيم بن جبير، فقلت: وحكيم بن جبير ثبت عندك [في الحديث]؟ قال: ليس هو عندي ثبتاً في الحديث، وكذلك قال مهنا: سألت أحمد عن حديث معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن غيلان أسلم وعنده عشر نسوة، قال: ليس بصحيح، والعمل عليه، كان عبد الرزاق، يقول: معمر، عن الزهري مرسلاً، قال =

<<  <  ج: ص:  >  >>