للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِن عدول المتأولين بمجرد القرائن، ولم يقولا بما يقتضي ذلك، إنما قالا: إِنَّ مَن عَرَفَ الحقَّ، وعاند فليس بمتأوِّل، وبينَ هذهِ العبارةِ التي نَصَّا عليها، وبينَ قَوْلِ القائل: من أظهر التأويلَ، ودلَّت القرائنُ على أنه متعمِّدٌ حكم عليه بالتعمد، سواء كان عدلاً في مذهبه أوْ لا، فرقٌ عظيم، وبَوْنٌ بعيد!

فإن قلت: إِن (١) لم يقولا بهذا، لم يَبْقَ لكلامهما فائدة، ولا لِمذهبهما ثَمَرَةٌ.

قلتُ: بل ثمرةُ مذهبهما تظهر في صورتين:

إحداهما (٢): في مَنْ أقرَّ من المخالفين أنَّه يعلم الحق، ويتعمَّد الباطلَ كما رُويَ هذا عن غيرِ واحد من المخالفين (٣).

والأخرى: حيث يكون المتأول غيرَ عدل في مذهبه.

فإن قلت: ما الفرق بين العدلِ وغيرِ العدل؟

قلتُ: الفرقُ أن العدلَ ظهرت عليه قرائنُ تدل على عدم العمد، وهي تَحَمُّلُهُ لمشاق التكليف، وصبرُه على مجانبة المحرمات وغير ذلك من المحافظة على النوافل، وسائرِ القرائن المرجحة لِظَنٍّ تأوله بحيث لا يَصِحُّ معها العِلْمُ بعناده.

الإشكال الثالث: أن العلمَ بالأمورِ الوُجدانيات المتولِّد عَن القرائنِ مما لا يصح أن يحتج به أحدٌ الخصمين على الآخر، لأن إقامةَ البراهين


(١) في (ج): إنهما.
(٢) في (ب): أحدهما.
(٣) من قوله: أنَّه يعلم ... إلى هنا ليست في (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>