للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِن جهة التأويل، فلسنا نُبْطِلُ كفاءته في النكاح كما تقدَّم، ونقبلُ خبره الذي نجعلُهُ أصلاً في الأحكام الشرعية لإِجماع الصحابة رضي الله عنهم على قبول أخبارِ البُغاة على أمير المؤمنين عليه السلام، وإجماعُهم حجة. انتهي كلامُه عليه السلامُ.

فإن قلتَ: الدليلُ على أنهم لا يُسَمَّوْنَ مسلمين إجماع أهل البيت عليهم السلامُ.

فالجوابُ أنَّ أهلَ البيت عليهم السلامُ لم يتكلموا في هذه المسألة، وإنما أجمعوا في صورتين لم نُخالفهم في واحدة منهما (١):

إحداهُما: أجمعوا أن حُكْمَ الفاسق في الآخرة غيرُ حكمِ المسلمين القائمين بالواجبات، المجتنبين للمحرمات، ونحن لا نُخالفهم في هذه الصورة (٢).

الصورةُ الثانية: أجمعوا أنَّه لا يُسمى مؤمناً ولا مسلماً ولا كافراً في هذه الأعصار الأخيرة، لأنها قد صارت هذه الأسماء في هذا العرف الأخير تُفيد معانيَ مختلفةً يترتَّبُ عليها أحكام شرعية، وللعرف تأثير في تحريم إطلاقِ الألفاظ، ألا ترى أنَّه قد ورَد في الحديث تسميةُ كثير من المعاصي بالكفر (٣)، ولا يجوز أن يُسَمَّى فاعِلُها اليوم كافراً. وتلخيصُ هذا الوجه أن


(١) في (ج) و (ش): منها.
(٢) سقطت من (ب) و (ش).
(٣) من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " وقوله: " لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض " وقوله: " إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما " وقوله: " بين الرجل والكفر ترك الصلاة " وقوله: "من حلف بغير الله فقد كفر" وقوله: " من أتى كاهناً فصدقه، أو أتى امرأة في دبرها، فقد كفر بما أنزل على محمد " وقوله: " اثنتان في الناس هما بهما كفر: الطعن في الأنساب والنياحة على الميت " وهي صحيحة مخرجة في تعليقنا على شرح الطحاوية ص ٢٩٥ - ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>