للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨] إذ الآية الأولى خاصة بالحوامل، والثانية عامة لهنّ ولغيرهنّ، وكذلك قولُهُ تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}، {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: ٢٢١] عام في أهل الكتاب وغيرهم، وهذه الآية خاصة بالكتابيات.

وإنما ذكرتُ حجةَ زيدِ بن علي عليه السلام، لأن هذا الأمرَ قد صار منكراً في هذا الزمان. وإذا ثبت هذا، فلا شك أنَّه يجوزُ على مذهب زيد بنِ علي عليه السلامُ، وعلى مذهب الجميعِ في الفاسقة غيرِ الزانية قبولُ خبرها عن طُهرها من الحيض ونحوِ ذلك.

الرابع: أنَّه تجوزُ شهادةُ الكافر الكتابي عند الحاجة إليه (١)، لقوله تعالى: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: ١٠٦].


(١) في " شرح المفردات " ص ٣٣٣: إذا كان المسلم مع رفقة كفار مسافرين، ولم يوجد غيرهم من المسلمين، فوصى وشهد بوصيته اثنان منهم، قبلت شهادتهما، ويستحلفان بعد العصر: لا نشتري به ثمناً ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله وأنها وصية الرجل بعينه، فإن عثر على أنهما استحقا إثماً، قام آخران من أولياء الموصي، فحلفا بالله: لشهادتنا أحق من شهادتهما، ولقد خانا وكتما، ويقضي لهم. قال ابن المنذر: وبهذا قال أكابر العلماء، وممن قاله شريح، والنخعي، والأوزاعي، ويحيى بن حمزة، وقضى بذلك عبد الله بن مسعود في زمن عثمان، رواه أبو عبيد، وقضى به أبو موسى الأشعري رواه أبو داود والخلال، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا تقبل، لأن من لا تقبل شهادته على غير الوصية، لا تقبل في الوصية كالفاسق وأولى ...
ولنا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} الآية ... وهذا نص الكتاب، وقد قضى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث ابن عباس رواه أبو داود، وقضى به بعده أبو موسى وابن مسعود كما تقدم، وحمل الآية على أنه أراد: من غير عشيرتكم لا يصح لأن الآية نزلت في قصة عدي وتميم بلا خلاف بين المفسرين، ودلت عليه الأحاديث، ولأنه لو صح ما ذكروه لم تجب الأيمان، لأن الشاهدين من المسلمين، لا قسامة عليهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>