للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: هذا صحيح، ونحن نقولُ به، ولا ننكره، وإنما قلنا: يجوز أنها تسَمَّى ظلماً على صور.

الصورة الأولى: أن يكونَ ظلماً في الحقيقة اللغوية لا العُرفية كما سَمَّى اللهُ عز وجل الإنسان دابة في قوله: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} وليس الإنسان يُسَمَّى دابةً في العُرف حتى لو حلف حالف: لَيَرْكبنَّ دابة، لم يُجْزهِ ركوبُ إنسان ولا غيره سوى الدابةِ المعروفة، فإذا أطلق اللفظ عن القرائن حُمِل على العرفية، وإذا جاء لغير ذلك، فمع القرائن.

الصورة الثانية: أنا نسلِّمُ ذلك في المصادر والأفعال ولا نُسَلِّمُهُ في الموصولات مثل الذين ظلموا، ولا في أسماء الفاعلين كالظالمين، وقد قدمنا أنَّه لا يمنعُ ثبوت عرف في أسماء الفاعلين دون المصادر والأفعال كما ثبت ذلك في الدابة والدَّبيب، وقد تقدم بيانُه.

الصورة الثالثة: أن تقول (١): قد ورد في الشرع ما يَدُلُّ على أن المعصية المسماةَ بالظُّلم تختصُّ بالكفر، ورُدَّ بأنها تَعُمُّ الكُفْرَ (٢) وغيره، أصلُ الاستعمال الحقيقة، فدلَّ على أنها لفظةٌ مشتركة في الحقيقة الشرعية، وحينئذ لا يَصِحُّ القطعُ بدخول مَنْ ليس بكافر إلا بقرينةٍ، فإن كانت المسألةُ ظنية، جاز أن تكون تلك القرينةُ ظنية، وإن كانت قطعية لم يكف إلا أن تكونَ القرينةُ قطعيةً.

فإن قلت: وما المانِعُ من أن يكون الظلمُ عاماً في الكفر والفسق، ولا يكون مشتركاً، لأن الأصل عَدَمُ الاشتراك.


(١) في (ش): أنا نقول.
(٢) في (ب): للكفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>