للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الحاكم مثلَه عن أبي بكر الصديق موقوفاً (١).

وقولهم: إنَّه لا يَصِحُّ أن يكونَ مع الشرك شيء من الإيمان مردودٌ لقوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: ١٠٦] والتحقيق: أن الإيمانَ قسمان لغوي وشرعي، والشرعي قسمان أعلى وأدنى، والشركُ إنما ينافي الشرعي.

فإن قلتَ: هذا يدل على عدم العرف، ولذلك قالوا: أيُّنا لم يَلْبِسْ إيمانَه بظلم؟!.

فالجوابُ من وجهين،

أحدهما: أن لبس الإيمانِ بالظُّلم قرينة يُفهم منها إنَّه ليسَ بظُلم الشرك، لأن الشِّرْكْ والإيمانَ الشرعي لا يجتمعانِ بخلاف سائر المعاصي، فإنها تجتمع مع الإيمان إلا الكبائر، وعلى قولِ الفقهاء والكبائر.

وثانيهما: ما قدمنا مِن الفرق بين المصدر واسم الفاعل، وما في معناه من الموصول.

وثالثها (٢): أنِّي لم أدَّعِ أن العُرف في ذلك كان مستمرّاً من أوَّل النبوة إلى آخرها، فما المانعُ أن يكونَ ذلك العُرف بعدَ أن سَمِعُوا مِن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث وغيره، وبعدَ نزول قوله: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وغيرها، بل هو الظاهرُ، لأن العُرف لا يثبت إلا بعد كثرةِ الاستعمال وطولِ المدة.


(١) أورده السيوطي في " الدر المنثور " ٣/ ٢٧، ونسبه للفريابي، وابن أبي شببة، والحكيم الترمذي في " نوادر الأصول "، وابن جرير (١٣٤٨٤) وابن المنذر وأبي الشيخ، وابن مردويه، ولم ينسبه للحاكم، وقد فتشت عنه في " المستدرك " فلم أجده فيه.
(٢) في (ب): وثالثهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>