للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي حنيفة قبولُه وهو مذهبُ الإمام المنصور بالله عليه السلام في الأرض التي يَقِلُّ فيها وجودُ العدول من بوادي الأعراب ونحوها أخبرني به اليَقظُ العارف ذكره في " المهذب "، وقاسه على شهادة أهلِ الذمة عند الضرورة والسَّفَرِ، ورده الجمهور، لأن وازِعَ الحياءِ من الناس، وخوفَ العارِ، وحُبَّ المحمدةِ -وإن عظم- فإنه لا يقومُ مقامَ خَوفِ الله تعالى ووازع الشرع، لأنَّ ذلكَ يضعف في ما يخفى، ويظن صاحبُه أنَّه لا ينكشِفُ للناس، والوازعُ الأُخرويّ والحياء من الله تعالى مستوٍ في الباطن والظاهر، فلهذا شَذَّ المخالفُ في هذه المسألة وضَعُف قوله.

المسألة الحادية والعشرون: قال العلماءُ يصِحُّ إقرارٌ المرء على نفسه لِزوال التهمة، بل هو أقوى من الشهادة، ولو أنها شهادةُ جماعةٍ من العدول (١)، لأن وازِعَهُ عن الكذب على نفسه فيما يضرُّه طبيعي، ووازع الشهودِ شرعي، والطبيعي أقوى من الشرعي، ولهذا قُدِّمَ عليه حيث يتعارضان في شهادتِه لنفسه وعلى عدوه، ونحو ذلك.

المسألة الثانية والعشرون: إذا أقرَّ العبدُ بما يُوجِبُ الحدَّ أو القصاصَ، صح إقرارُه، وإن كان فيه مضرةٌ على سَيِّدِه، لأن فيه مضرةً على نفسه، فَقَوِيَ الظَّنُّ لصدقه قوةً مقاربة للعلم، ومنهم من قال: لا يُقْبلُ لأجل مضرةِ السيد، أما لو أقرَّ بما فيه مضرة على السيد، وليس فيه مضرةٌ على نفسه لم تُقبل قطعاً لضعف الظنِّ، وقُوَّةِ التُهمة.

المسألة الثالثة والعشرون: إقرارُ الراهن بأن الرهن ملكٌ للغير،


(١) في (ب): جماعة عدول.

<<  <  ج: ص:  >  >>