للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له مِن قبيل المغالطة أو الغلط، فإن كانت مغالطةً، فهي لطيفة تدل على حِذْقِ صاحبها، وإن كان غلطاً، فهو جلي يدل على بلادةِ مُورِدِه، وبيانُ ذلك أنا نقولُ: ما تريد بأنهم لا يعلمون ذلك؟ هل تُريدُ لا يعلمون مع أنَّهم يعتقدون أنهم لا يعلمون؟ فهذه مباهتة، وجحدٌ للضرورة، فإن المعلومَ أنهم يعتقدون أنهم يعلمون ذلك، وإن أردتَ أنَّهم لا يعلمونَ ذلك لاستنادهم إلى دليلِ السمع، وليس يَصِحُّ الاستدلالُ به في هذه المسألة مع اعترافِك أنَّهم معتقدون للحق، ومُدَّعُونَ للعلم به، فذلك صحيح، ولكنه لا يُفِيدُكَ تهمتُهم بالكذبِ والمنع مِن قبولهم في الرواية، ومِن العجائب مجاوزةُ السيد للحد في الغُلُوِّ أنه احتجَّ بهذا على أن الجبرية لا يتنزَّهونَ من الكذب وقد قال في البراهمة: إنهم يتحرَّزونَ من الكذب أشدَّ التحرز، ويتنزَّهونَ عنه أعظمَ التنزه مع أن البراهمةَ مصرِّحُون بتكذيب جميع كتب الله المنزلة، ويُفصِحُونَ بتضليل جميعِ الأنبياء والرسل الكرام، وينسبونهم إِلى الشعوذة والتحيُّل والسحر، وملاحظة العيش في الدنيا بالكذب على الله، وإفشاء الضَّلال، ويسخرون منهم سَخِرَ الله منهم، ولهم عذاب أليم، ولا يدينون بثبوت النارِ، ولا يخافون العقابَ على ذنب من الذنوب، فهؤلاء نص السيدُ في كتابه على أن صِدْقهُم مظنون، وعلى أنهم عن الكذب متنزهون، ومنع من مثل ذلك في حقِّ مَنْ آمن بالله وملائكته، وكتبه ورسله، واليومِ الآخر، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، وحَجَّ البيتَ الحرَام، وصامَ رمضَان، وظهرت منه المحافظةُ العظيمةُ على الطاعة فيما نعرِفُه من الحلال والحرام.

هذا وإني أبرأُ إلى الله تعالى مِن اعتقاد الجبر والتشبيه ولستُ أُرِيدُ بكلامي هذا النُصرةَ لمذهبهم، وإنما أردتُ المنعَ من الكذب عليهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>