للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على قبول روايتهم، وإن سلم، فلا نسلم اتفاقهم على إن عِلَّةَ القبول واحدة، بل لَعَلَّ بعضَهم يجعل العِلَّةَ أنهم غير فساق عنده، وبعضُهم لا يجعل فسقَ التأويل قادحاً.

أقول: قد اشتمل كلامُه على ثلاثة أشياء:

أولها: أنَّه ذكر الحديث النبوي على صاحبه وآله الصلاةُ والسلام تنبيهاً على أنَّه حجةُ للمتأولين، وسوف يأتي في الفصل الثاني -إن شاء الله تعالى- ذكرُ مالهم من الحجج الكثيرة من الكتاب والسنة والإجماع والنظر، فأما هذا الحديث، فهو حديث لا يُعلم لَه أصلٌ، ولكن لمعناه شواهدُ صحيحة.

قال الحافظ ابنُ كثير البصروي رحمه الله: هذا الحديثُ كثيراً ما يَلْهَج به أهلُ الأصول، ولم أَقِفْ له على سند، وسألتُ عنه الحافظ أبا الحجاج المِزِّي فلم يعرفه، لكن له معنى في الصحيح وهو قولُه - صلى الله عليه وسلم -: " إنما أَقْضِي بِنَحْو مَا أَسْمَعُ " (١).

وقال البخاري في كتاب الشهادات (٢): قال عمر: إن أناساً كانوا يُؤخذُون بالوحي على عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن الوحي قد انقطعَ، وإنما نأخذكُم الآنَ بما ظهر لنا مِن أعمالكم، فمن أظهر لنا خيراً أَمِنَّاه وقربناه، وليس لنا (٣) من سريرته شيء يُحاسِبُه الله في سريرته، ومن أظهر لنا سوءاً،


(١) قطعة من حديث أخرجه مالك ٢/ ٧١٩ والبخاري (٢٤٥٨)، ومسلم (١٧١٣) وأبو داود (٣٥٨٣) والترمذي (١٣٣٩) والنسائي ٨/ ٢٣٣، وأحمد ٦/ ٢٩٠ و٣٠٧ و٣٠٨ و٣٢٠ من حديث أم سلمة.
(٢) من " صحيحه " برقم (٢٦٤١) من طريق الحكم بن نافع، أخبرنا شعيب، عن الزهري حدثني حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن عبد الله بن عتبة، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه .... فذكره.
(٣) في البخاري: وليس إلينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>