للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في قبولهم للفساق المتأولين، فلو كانوا مردودين بالقطع، وحصل الشكُّ في أن روايةَ العدولِ مستندةٌ إليهم لم يجز قبولُه إلا إذا حصلت تبرئة صحيحة يحصلُ معها الظَّنُّ الراجحُ أن روايتَه غير مستندة إلى من لا يقبل قطعاً، وقد ألزمنا السَّيِّد في رسالته مثل هذا، ومن التناصفِ بين المتناظرين أن يجري كُلُّ خصم على قياسه، ويبنيَ كُلُّ أحدٍ على أساسه.

الحجة الخامسة: هي الحجة العقلية التي عَوَّلَ عليها الإمامان: المنصورُ بالله والناطقُ بالحقِّ عليهما السلامُ، والشيخُ المحقِّقُ أبو الحسين البصري رحمه الله وهي أنَّ خبرهم يُفيدُ الظنَّ قطعاً، والعمل بالظن حسن عقلاً، وقد قررنا اتفاقَ العقلاء على حُسْنِ الخبر والاستخبار، واعتمادهم عند المهمات على إرسالِ الرسول، وكتابةِ الكتاب، وبعثِ النذير إلى من يخاف عليه منه (١) والطليعةِ إلى من يُخاف منه، وسفرِ التاجر على ظنِّ الربح، وزرع الزراع على ظنِّ التمام، وغزوِ الملوك على ظن الظَّفَرِ، وقراءة القرآن (٢) على ظن الفائدة، وكذلك العملُ في ضِرَابِ الأنعام وتربية صغارها (٣)، وجمعِ سمنها وألبانها، وسائرُ تصرفات العقلاء كُلُّها مبنية على ظن (٤) المنفعة دون اليقين (٥)، ولهذا فإن رسل (٦) رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لما كانت تأتي (٧) العرب، تُخبرهم بالشريعة، وتُبلِّغهم الأحكامَ، امتثلوا ذلك، وَعَمِلُوا به بمقتضى فِطرة العقول من غير أن يقولَ لهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك (٨) جائز، ومن غير أن يسألوا عن ذلك، ولا


(١) ساقطة من (ج).
(٢) في (ج): القراءة.
(٣) في (ج): صغيرها.
(٤) ساقطة من (ج).
(٥) تحرفت في (ج) إلى: التعيين.
(٦) ساقطة من (ج).
(٧) ساقطة من (ج).
(٨) في (ج) و (ش): أن ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>