للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدوداً معلومة ضرورية التحريم، وهي الكبائرُ المنصوصة، فهذه مهماتُ الإسلام، وقد جاؤوا بذلك كُلِّهِ على ما يُحِبُّ الله ويرضى، وهو الأكثرُ والأكبر، وليس التعذيبُ في الآخرة دليلاً على عدم القبول في الدنيا بدليلِ الجرحِ بالمعاصي الملتبسة، بل ببعض المباحات الدالة على قِلَّةِ الحياء والمروءة، وبكثرة السهو والغفلة، فكما قد يُرَدُّ مَنْ هو مِن أهل الخير، فقد يقْبَلُ مَنْ هو مِن أهل الشر، لأن حكم الرواية يرجع إلى الصدق وظنِّه، لا إلى استحقاق العقوبةِ في الآخرة. فأحكامُ الآخرةِ بِمَعْزِلٍ عن هذا، ولا شَكَّ أن القياس تعليقُ الحكم بما هو أكثرُ، دليلُه إجماعُ العلماء على أن مَنْ كان يَهِمُ في الحديث وَهْماً نادِراً، ويُصِيبُ كثيراً، فإنه يُقْبَلُ حديثُه تغليباً للأكثر إذا ثبت هذا، قبلوا تغليباً للأكثر.

السابع: روايتُهم للحجج الدالةِ على خلاف مذهبهم مثل أثر عائشة في نفي الرؤيةِ في ليلةِ الإسراء، وتفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: ١٣] بجبريل عليه السلام (١). واتَّفَقُوا على صحة ذلك عنها، ومثلُ الأحاديث والمناقب الدالة على تفضيلِ أمير المؤمنين علي عليه السلام، ولقد ذكر الذهبي في كتابه " طبقات القُراء " (٢) عليّاً عليه السلامُ، وذكر أنَّه لم يَسْبِقْهُ إلى الإسلام إلاّ خديجةُ، وأن المكان يَضِيقُ عن مناقبه وأنَّه جمع القرآنَ العظيم، وصحح ذلك، وَرَدَّ على من خالف فيه. ثم ذكر: عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابنِ سيرين أن أبا بكر


(١) أخرجه البخاري (٣٢٣٤) و (٣٢٣٥) و (٤٦١٢) و (٤٨٥٥) و (٧٣٨٠) و (٧٥٣١)، والترمذي (٣٢٧٨)، وفي الباب عن ابن مسعود عند البخاري (٤٨٥٦) و (٤٨٥٧)، ومسلم (١٧٤).
(٢) الموسوم بـ " معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار " ١/ ٢٥ - ٢٨ نشر مؤسسة الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>