للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهر (١) أحوالهم لمن تَصَفَّحَ أخبارَهم، واقتصَّ آثارهم، وذلك أن الفتنة لما وقعت فيهم، وتفرَّقوا فِرقاً، وصاروا أحزاباً، وانتهي الأمرُ بينهم إلى القتل والقتال، كان بعضُهم يروي عن بعض بغير (٢) مناكرة بينهم في ذلك بل اعتماد أحدهم على ما يرويه عمن يُوافقه، كاعتماده على روايته عمَّن يُخالفه. فنصَّ عليه السَّلامُ على أن اعتمادَ الصحابة على حديث المخالف كاعتمادهم على حديث الموافق، وأطلق القولَ في ذلك، ولم يُقيِّدْهُ بحال الانفرادِ دونَ حال التعارض، وسيأتي ما هو أَعْظَمُ من ذلك من كلامه عليه السلام.

وكذلك الشيخُ أحمد بن محمد الرَّصَّاص، فإنه حكى الإِجماعَ على مثل ذلك، فقال في كتاب " الجوهرة ": إن الفتنة لما وقعت في الصحابة كان بعضُهم يُحَدِّثُ عن بعض، ويُسْنِدُ الرجل إلى من يُخالفه، كما يُسند إلى من يُوالفه (٣) من غير نكير، وكذلك الفقهاء بأسرهم، فإنَّ السَّيِّد أبا طالب حكى عنهم في كتاب " المجزىء " أنهم قالُوا: إن المعلومَ مِن حال الصحابة أنهم كانوا يُراعون في قبول الحديث والشهادة الإسلامَ الذي هو إظهار الشهادتين، والتنزّه عمَّا يُوجِبُ الجرحَ مِن أفعال الجوارِح ... إلى قوله عليه السلام (٤): وكانوا مجمعين على التسوية بين الكلِّ ممن هذه حالُه في قبول شهادته، وحديثه مع العلم باختلافهم في المذاهب. فنصَّ عليه السلامُ على أن الفقهاء حَكَوُا العلمَ بإجماع الصحابة على التسوية بين المتأوِّل في فسقه والعدل في باب الرواية والشهادة فهذا إجماعٌ ثبت بخلاف


(١) في (ب): فذلك ظاهر من.
(٢) في (ش): من غير.
(٣) في (ب): يوافقه.
(٤) من قوله: " الذي هو إظهار " إلى هنا ساقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>