للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتفق أئمةُ الحديث على أن الحديثَ الصحيح أولى بالقبول عند التعارض مِن الحديث الحسن، وصحَّحُوا حديثَ جماعةٍ من المبتدعة، وحسَّنُوا حديثَ جماعةٍ من أهل الحق والسنة، وهذا يقتضي القطعَ بأنَّهم قد (١) يُقَدِّمُونَ المبتدَع الثقةَ الحافظَ على مَنْ هوَ دونه مِن أهل السنة في الحفظ والإتقان، وكُلُّ هذا تصريح بأن الترجيحَ في باب الرواية إنما هو باعتبار قُوَّةِ الظنِّ، لا باعتبار كثرة الفضل في الراوي، فحيث يكونُ الظنُّ أقوى برواية فاسق التأويل لكثرة العدد، أو للعلم بحال جميعِ رجال السند، أو غير ذلك من الأسباب المثيرة لقوة الظن لا تَصِحُّ دعوى الإجماع على رَدِّ رواية المتأوِّل الراجحة في الظن (٢)، وكيف يدعي الإجماعَ، وهذا الإِمامَ المنصور بالله عليه السلام يُصَرِّحُ بالخلاف، ويُقدِّمُ رواية الخارجي الذي يُكفِّر أميرَ المؤمنين علياً عليه السلامُ على روايةِ العدل، ويصرح بأنها أولى، وكيف يَصِحُّ دعوى الإجماع، والخلافُ محكي في " الجوهرة " التي هي مِدْرَسُ علماءِ الزيدية، ولم نعلم أنَّ أحداً أنكر ذلك على صاحب " الجوهرة " من أهل التعاليق عليها، وقد نقَّحوا ما فيها، وحقَّقُوه، واعترضوا فيما (٣) يُمْكِن أن يعترض فيه (٤) مما هو أقَلُّ مِن هذا، وكذا الحاكمُ على ما قدمناه ولم يعترض.

الإِشكالُ الثالث: أن العلماءَ قد ذكروا في كتب أصول الفقه أن الترجيحَ إنما يقع بما يتعلَّقُ بالرواية مما يُقويها، ويَدُلُّ على الصدق فيها، ولهذا نص (٥) المنصورُ بالله، وأبو طالب عليهما السلام، وأبو


(١) ساقط من (ب).
(٢) من قوله: " لا تصح " إلى هنا ساقط من (ب).
(٣) في (ب): ما فيها.
(٤) سقطت من (ب).
(٥) في (ب): قال.

<<  <  ج: ص:  >  >>