للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يكن علمُه وفضلُه مرجحاً لِظنِّ صدقه.

وقد ذكر هذا المعنى السَّيِّد أبو طالب عليه السلامُ، فقال بعد ذكر شيء من كلامه: فإن قال قائلٌ: ولمَ قلتُم: إن قوة الظن معتبرة في باب الأخبار، قيل له: الذي يَدُلُّ على ذلك وجوه:

منها: ما قد علمنا من حالِ الصحابة أنَّهم كانوا يطلبون في أخبار الآحاد التي يعملون بها قوةَ الظَّنِّ، ويلتمسون ما يُؤدي إليها باستحلافِ الراوي مرة كما رُوِيَ عن أمير المؤمنبن علي صلواتُ الله عليه (١)، وبتطلّب مخبرٍ ثانٍ، فيُضاف إلى الأول، كما روي عن أبي بكر أنَّه طَلَبَ عند رواية المغيرة بن شعبة ما رواه في أمر الجدة ثانياً إليه حتى أخبره محمدُ بنُ مسلمة بمثل خبر (٢)، وكطلب عمر عند روايةِ أبي موسى الأشعري خبر الاستئذان مَنْ يشهد معه لما رواه (٣). وسلوك هذه الطريقة معلوم من جماعتهم إلى قوله:

ومنهم أنَّه لا خلاف في ترجيح الخبر (٤) بكون راويه أضبطَ للقصة التي ورد الخبرُ فيها مِن غيره، ولهذا كانت الصحابةُ تَرْجِعُ إلى أزواج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في تعرُّفِ أحواله التي عُرِفَ أنَّهن يَعْرِفْنَ منها ما لا يَعْرِفُه الأجانبُ، ولذلك رجَّحوا خبرَ عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُصبحُ جنباً وهو صائم، على خبر أبي هريرة (٥)، ولهذا قالت عائشة حين سُئِلَتْ: هل كان


(١) تقدم تخريجه في الجزء الأول الصفحة ٢٨٤.
(٢) تقدم في الجزء الأول الصفحة ٢٩٤.
(٣) انظر الخبر بطوله في البخاري (٦٢٤٥)، ومسلم (٢١٥٣)، والموطأ ٢/ ٩٦٣ - ٩٦٤.
(٤) ساقطة من (ب).
(٥) تقدم الكلام على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>