للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفروع، وإذا كان الأصلُ أقوى، كان الفرعُ أقوى.

فإن قلتَ: إنَّه يلزمُ مِن كون خبر العدل المتنزه أقوى أن الظَّنَّ لصدقه أقوى.

قلتُ: ليس كذلك بل اللازمُ أن الظن للتكليف بقبوله أقوى، فقد يختلِفُ ظَنُّ التكليف وَظَنُّ الصدق، ألا تَرَى أنَّه لو غلب على ظَنِّكَ أن جماعةً من الفساق المصرحين أصدقُ مِن رجل عدل في ظاهره لم يَحِلَّ لك العملُ بالظن الأقوى لما ظننت أن العملَ بغيره هو الذي كلَّفك اللهُ تعالى، فهذا في مخالفة التكليف لِلظَّنِّ الراجح فضلاً عن الشك المستوي الطرفين، ولو أنَّ الشرع ورد برد المبتدع المتأوِّل لم يقبل حديثه، وإن أفاد الظَّنَّ الراجح، لكن الشرع وَرَدَ بقبوله عندنا (١) وروداً خفياً يَنْقُصُ عن مرتبة ورودِ الشرع بقبول المتنزِّه عن البدع، فكان أقوى من الظن للتكليف بخبرِ المبتدع، وإن لم يكن أحدُهُما في الظن أقربَ إلى الصدق من الآخر، وهذا في غاية القوة عندي، ولكني لا أعلم أنَّه إجماعٌ كما ذكر السيدُ أيَّدَهُ الله، ولنتكلم بَعْدَ هذَا في إنصافٍ وخصيصتين، فقد كنتُ ذكرت ذلك في بعض تعاليقي في فوائد تَعَلَّقُ بهذا الشأن.

الإنصاف: لا يشك مَنْ أنصف مِن نفسه، وترك العصبية في رأيه أن هذه الأمةَ المرحومة قد تقسَّمَتِ الفضائلَ، وانتدبت كُلُّ طائفةٍ منها لإتقان عمل فاضل.

فأهلُ الأدب أتقنوا الإعرابَ، وَأتَوْا في جميع أنواعه بما يأخذ بمجامع الألباب.


(١) ساقطة من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>