للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها بأنَّ " بسم اللهِ الرَّحمن الرحيم " مِنَ القرآن، والقرآنُ يُجْهَرُ بِه، وجعل هذه الحُجَّة عُمدتهُ، وصدَّرها في احتجاجِهِ في المسألة، ثمَّ روى بعدَها حديثين لم يَدُلَّ عليه السَّلامُ على صِحَّةِ واحد مِنْهُما عندَه بنصٍّ، ولا عموم، ولا منطوقٍ، ولا مَفْهُومٍ، ولا تَبَيَّن لنا ذلك مِنْ غيره عليه السلام كما نُبيِّنُ ذلك، أمَّا أحدُهما: فإنَّه رواهُ بلفظ التمريض والبلوغِ دونَ لفظِ القطْعِ والثبات، فقال: بلغَنَا عنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يَقُلْ: قالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا قال: صَحَّ لنَا عنْ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وهذا أيضاً نوعٌ من أنواع الحديثِ يُسَمَّى البلاغات، وليس يُحكمُ بصحته؛ لأن عبارة البُلُوغِ تَصْدُقُ، سواءٌ كانَ الحديث (١) صحيحاًً أو ضعيفاً؛ لأنَّ الصحيحَ قد بُلِّغَ، والضعيف قَدْ بُلغَ.

ولهذا كان القول الصحيحُ المختارُ مِنَ الثَّلاثَةِ الأقْوالِ في تعاليقِ البُخاري (٢) أن ما رواهُ بصيغَةِ التمريض لم يُقْبلْ، وما رواه بصيغة الجَزْمِ قُبِلَ (٣).


(١) سقطت من (ش).
(٢) الحديث المعلق له صور: منها أن يحذف الراوي جميع السند، فيقول مثلاً: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومنها أن يحذف إلا الصحابي، أو إلا الصحابي والتابعي، ومنها أن يحذف من حدَّثه، ويضيفه إلى من فوقَه.
والأحاديث المعلقة في " صحيح البخاري " كثيرة جداً تجاوزت ١٣٠٠ تعليقاً، وأكثرها مخرج في أصول متونه، وما لم يخرجه فقد قام الحافظ ابن حجر بوصله.
(٣) هذه القاعده أغلبية لا كلية، فقد علق البخاري حديث عائشة: " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه " بصيغة الجزم، مع أنَّه لا يصح على شرطه، بل على شرط غيره، فخبر عائشة هذا أخرجه مسلم في " صحيحه ". وذكر أيضاًً بصيغة الجزم حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الله أحق أن يستحيى منه من الناس "، وهو ليس من شرطه قطعاً، ولهذا لما علق في النكاح شيئاً من حديث جد بهز لم يجزم به، بل قال: ويُذكر عن معاوية بن حيدة.
وقال في (باب: العرض في الزكاة): وقال طاووس: قال معاذ رضي الله عنه لأهل =

<<  <  ج: ص:  >  >>