للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رَوَى عنهمُ الإِمامُ أحمد بن سُليمانَ في " أصول الأحكام "، والمنصورُ بالله في كثيرٍ مِنْ مُصَنَّفَاتهِ، والأمير الحسين، وصاحِبُ " الكشَّافِ " وغيرُهم (١)، وشاع ذلِكَ وتكرَّرَ، فلم يُنْكَرْ على طول المُدَّةِ، فلا نعلمُ كَذِبَ منِ ادَّعى الإجماعَ السُّكُوتيَّ على ذلِكَ. وأقصى ما في الباب أَنْ يُنْقَلَ إنكارٌ لِذلِك مِنْ بعضِ العُلماءِ في بَعْض الأعصارِ، فذلِكَ النَّقْلُ في نَفْسِهِ ظَنِّيٌّ نادِرٌ، واعتبارُ القدحِ بالنَّادِرِ الظَّنيِّ في عصرٍ مخصوصٍ لا يقدَحُ في إجماعِ أَهْل عصرٍ آخر، فلا يُؤمنُ صِدْقُ مُدَّعي هذا الإجماعَ على اعتبارِ كثيرٍ مِنْ أهلِ العلم في الطَّريق إلى مَعْرِفَةِ الإجماعِ، وقد رأينا العُلمَاءَ والأئِمَّة يثْبِتونَ الإجماعَ السُّكُوتيَّ بِمِثْلِ هذا، وبِأَقَلَّ منْ هذا.

البحث الثامن: أقصى ما في الباب أنَّه ظهر للسَّيِّد غَلَطُ هذا (٢) الرَّجُلِ الَّذي ادَّعى الإجماعَ، فقد يغلَطُ كثيرٌ مِنَ العْلماءِ في مِثْل ذلِكَ، ولا يكادُ يسْلمُ أحمدٌ مِمَّنْ يتعرَّضُ لدعوى الإجماعِ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ غالباً إلاَّ في الأمورِ المعلومَةِ المتواترَةِ، وقد تطابق علماءُ الاعتزالِ وكثيرٌ مِنَ الفُقهاءِ على دعوى القطع بأنَّ الصَّحابَةَ أجمعت على تقديم أبي بكرٍ في الخِلَافَةِ، وادَّعوُا القَطْعَ بأنَّ عليَّاً عليه السلام قال بذلك، فردَّ عليهمُ العُلماءُ ذلِكَ بالعبارات الحَسنةِ، ولم يُلْزِمُوهُم أنْ يكونوا (٣) الصَّحابَةُ قد جُمِعُوا لهم في صعيد واحدٍ ونحو ذلك.


(١) في (ب): وغيرهم من.
(٢) ساقط من (ب).
(٣) كذا الأصل، وهو جار على حد قول الشاعر:
يلومونني في حُبِّ سالم إخوتي ... وجلدة بين العين والأنف سالم
والمطرد في مثل هذا حذف الواو.

<<  <  ج: ص:  >  >>