سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... أما أنا فأطرب حين يطول نفس الشاعر، وقد اخترت لكم هذه - واعذروني للإطالة - لأبي صفوان الأسدي:
نأتْ دارُ ليلى وشطّ المزارُ ... فعيناكَ ما تطمعانِ الكرَى
ومرّ بفرقتها بارحٌ ... فصدّقَ ذاكَ غرابُ النّوَى
فأضحتْ ببغدانَ في منزلٍ ... له شُرُفاتٌ دوينَ السَّمَا
وجيشٌ ورابطةٌ حوله ... غلاظُ الرّقابِ كأسْدِ الشَّرَى
بأيديهم مُحْدَثاتُ الصِّقَالِ ... سريجيّةٌ يختلينَ الطّلى
ومن دونها بلدٌ نازحٌ ... يُجيبُ به البومَ رَجْعُ الصّدى
ومن منهلٍ آجنٍ ماؤه ... سدىً لا يعاذُ به قد طمى
ومن حنشٍ لا يُجيبُ الرّقا ... ةَ أسمرَ ذي حُمَةٍ كالرِّشا
أصمَّ صموتٍ طويلِ السّبا ... تِ منهرتِ الشّدقِ حاري القَرَا
له في اليبيس نفاثٌ يطيرُ ... على جانبيه كجمرِ الغضى
وعينانِ حمرٌ مآقيهما ... تبصّانِ في هامةٍ كالرّحا
إذا ما تثاءبَ أبدى له ... مذرّبةً عُصُلاً كالمُدَى
كأنّ حفيفَ الرّحا جرْسُه ... إذا اصطكّ أثناؤه وانطوى
ولو عضّ حَرْفي صفاةٍ إذاً ... لأنشبَ أنيابَه في الصّفا
كأنّ مزاحفَه أنسُعٌ ... حُزِزْنَ فرادًى ومنها ثُنى
وقد شاقني نوحُ قمريةٍ ... طروبِ العشاءِ هتوفِ الضُحَى
من الوُرْقِ نوّاحةٍ باكرتْ ... عسيبَ أشاءٍ بذاتِ الغضى
فغنّتْ عليه بلحنٍ لها ... يهيجُ للصّبِّ ما قد مضى
مطوّقةٍ كُسِيَتْ زينةً ... بدعوةِ نوحٍ لها إذ دعا
فلم أرَ باكيةً مثلَها ... تبكّي ودمعتُها لا تُرى
أضلّتْ فريخاً فطافتْ له ... وقد علقتْه حبالُ الرّدى
فلمّا بدا اليأسُ منه بكتْ ... عليه ماذا يردّ البُكا؟!
وقد صادَه ضرمٌ مُلحِمُ ... خفوقُ الجناحِ حثيثُ النَّجَا
حديدُ المخالبِ عاري الوظي ... فِ ضارٍ من الوُرْقِ فيه قَنَا
ترى الطّيرَ والوحشَ من خوفِه ... جواحرَ منه إذا ما اغتدى
فباتَ عذوبًا على مَرْقبٍ ... بشاهقةٍ صعبةِ المرتقى
فلما أضاءَ له صبحُه ... ونكّبَ عن منكبيه النّدى
وحتَّ بمخلبيه قارِتًا ... على خَطْمِه من دماءِ القطا
فصعّدَ في الجوِّ ثم استدا ... رَ طارَ حثيثًا إذا ما انصمى
فآنسَ سِرْبَ قطًا قاربٍ ... جَبَى منهلٍ لم تمحْهُ الدّلى
غدوْنَ بأسقيةٍ يرتويْنَ ... لزُغْبٍ مُطرّحةٍ بالفلا
يبادرْنَ وِرْدًا ولم يرعويْنَ ... على ما تخلّفَ أو ما ونى
تذكّرْنَ ذا عرمضٍ طاميًا ... يجولُ على حافتيه الغُثَا
به رفقةٌ من قطًا واردٍ ... وأخرى صوادرَ عنه رِوَا
فملّأنَ أسقيةً لم تُشدّ ... بخُرْزٍ وقد شُدّ منها العُرَا
فأقعصَ منهنّ كُدْرِيّةً ... ومزّقَ حيزومُها والحَشَى
فطارَ وغادرَ أشلاءَها ... تطيرُ الجنوبُ بها والصّبا
يخلنَ حفيفَ جناحيه إذ ... تدلّى من الجوّ برقاً بدا
فوليّنَ مجتهداتِ النّجا ... جوافلَ في طامساتِ الصُّوَى
فأُبْنَ عِطَاشًا فسقّينهنّ ... مجاجاتِهنّ كماءِ السَّلَى
وبتْنَ يراطِنَّ رُقْشَ الظّهو ... رِ حُمرَ الحواصلِ حُمْرَ اللّها
فذاك وقد أغتدي في الصباحِ ... بأجردَ كالسّيدِ عَبْلِ الشّوى
له كفلٌ أيّدٌ مشرفٌ ... وأعمدةٌ لا تَشَكّى الوَجَى
وأذنٌ مؤلّلةٌ حَشْرَةٌ ... وشِدْقٌ رُحَابٌ و جَوْفٌ هَوَا
ولحيانِ مُدّا إلى مِنْخرٍ ... رحيبٍ وعوجٌ طُوَالُ الخطا
له تسعةٌ طُلْنَ من بعد أن ... قَصُرْنَ له تسعةٌ في الشَّوَى
وسبعٌ عريْنَ وسبعٌ كُسِينَ ... وخَمْسٌ رواءٌ وخمسٌ ظما
وسبعٌ قربْنَ وسبعٌ بَعُدْ ... نَ منه فما فيه عيبٌ يُرَى
وتسعٌ غلاظٌ وسبعٌ رِقاقٌ ... وصهوةُ عيرٍ ومتنٌ خَظَا
حديدُ الثمانِ عريضُ الثمانِ ... شديدُ الصِّفَاقِ شديدُ المَطَا
وفيه من الطّيرِ خمسٌ فمَنْ ... رأى فرسًا مثله يُقتنى
غرابانِ فوقَ قطاةٍ له ... ونسرٌ و يعسوبُه قد بدا
جعلنا له من خيارِ الّلقا ... حِ خمسًا مجاليحَ شمّ الذرى
يغادي بعُضٍّ له دائبًا ... ونقفيه من حَلَبٍ ما اشتهى
فقاظَ صنيعًا فلما شتا ... أخذناه بالقَوْدِ حتّى انطوى
فهُجْنا به عانةً في الغُطَاطِ ... خِمَاصَ البطونِ صحاحَ العُجَى
فولّيْنَ كالبرق في نفرِهنّ ... جوافلَ يكسرْنَ صُمّ الصّفا
فصوّبَه العبدُ في إثرِها ... فطورًا يغيبُ وطورًا يُرى
كأنّ بمَنْكِبِه إذ جرى ... جناحًا يقلّبه في الهَوَا
فجدّلَ خمسًا فمن مقعصٍ ... وشاصٍ كُرَاعَاهُ دامي الكُلَى
وثنتانِ خَضْخَضَ قُصْبَيْهِما ... وثالثةٌ رَوِيَتْ بالدّما
فرُحْنا بصيدٍ إلى أهلِنا ... وقد جلّلَ الأرضَ ثوبُ الدُّجى
ورُحنا به مثلَ وَقْفِ العَرُو ... سِ أهيفَ لا يتشكّى الحَفَا
وباتَ النّساءُ يعوّذنَهُ ... ويأكلنَ من صيدِه المُشْتَوى
وقد قيّدوه وغلّوا له ... تمائم ينفث فيها الرّقى
ـ[وليد]ــــــــ[02 - 03 - 2009, 06:51 ص]ـ
إذا لم أجد خلا تقيا فوحدتي**** الذ واشهى من غوي أعاشره
وأجلس وحدي للعبادة آمنا**** أقر لعيني من جليس أحاذره
ـ[الباز]ــــــــ[16 - 04 - 2009, 12:44 ص]ـ
أمسي وأصبحُ من هجرانكم وصباً=يرثي ليَ المشفقانِ: الأهلُ، والولدُ
قد خدَّدَ الدمعُ خدي من تذكركم=واعتادني المضنيان: الوجدُ، والكمدُ
غاب عن مقلتي نومي ونافرها=وخانني المسعدان: الصبرُ، والجلدُ
لو رمت إحصاء ما بي من جوىً وضنى=لم يحصه المحصيان: الوزنُ، والعددُ
أو رمتُ من ضعفِ جسمي حملَ خردلة=ما ضمَّها الأقويان: الزندُ، والعضدُ
أستودعُ اللهَ من أهواهُ كيف جرت=بشخصنا الحالتان: القربُ، والبعدُ
لا غَرْوَ للدمع أن تجري غواربه=وتحته المضرمان: القلبُ، والكبدُ
كأنما مهجتي شلوٌ بمسبعةٍ=ينتابها الضاريان: الذئبُ، والأسدُ
لم يبق غيرُ خفيِّ الروحِ في جسدي=فداؤك الباقيان: الروحُ، والجسدُ
إني لأُحسد في العشاق مصطبراً=وحسبُك القاتلان: الحبُّ، والحسدُ
--
¥