ـ[السراج]ــــــــ[30 - 10 - 2009, 12:49 م]ـ
طاوي، أتيتك بسبعية أخرى - بل هي ذئبية - لشاعر نجلّه ..
كعب بن زهير
أثناء فراره وهروبه في القفار خوفا - قبل إسلامه - رأى ذئبا وكأنه رأى ما فيه من الوحشة فاقترب منه مقدار ما يرمى من النبل ... أترك لكم السبعية:
وصرماءَ مذكارٍ كأنّ دويَّها=بُعَيدَ جنانِ الليل ممّا يُخيَّلُ
حديثُ أُناسيٍّ فلّما سمعتُه=إذا ليس فيه ما أبينُ فأعقِلُ
قطعتُ يُماشيني بها مُتضائل=من الطُلسِ أحياناً يخبُّ ويعسلُ
يحبُّ دنوَّ الأُنسِ منه وما به=إلى أحدٍ يوماً من الأنسِ منزِلُ
تقرّبَ حتى قلتُ لم يدنُ هكذا=من الأنسِ إلا جاهِلٌ أو مضلَّلُ
مدى النبلِ، تغشاني إذا ما زجرتُه=قُشعريرةٌ من وجهِهِ وهو مقبلُ
إذا ما عَوى مُستقبلَ الريحَ جاوبت=مسامِعَهُ فاهُ على الزّاد مُعْوِلُ
كسوبٌ إلى أن شبَّ عن كسبِ واحد=مُخالِفُهُ الإقتارُ لا يتحوّلُ
كأن دخانَ الرِمثِ خالَطَ لونَه=يُغلُّ بهِ من باطنٍ ويُجَلَّلُ
بصيرٌ بأدغالِ الضَّراءِ إذا خَدَا=يعيلُ ويخفى بالجهادِ ويمثُلُ
تراهُ سميناً ما شتا وكأنّه=حَميٌّ إذا ما صافَ أو هو أهْزَلُ
كأنَ نَساهُ شرعَةٌ وكأنَّه=إذا ما تمطّى وجهةَ الريحِ مِحْمَلُ
وحَمْشٌ بصير المقلتينِ كأنّه=إذا ما مشى مستكرِهَ الريحِ أقزَلُ
يكادُ يرى ما لا ترى عينُ واحد=يثيرُ لَهُ ما غيَّبَ التُربُ مِعْولُ
إذا حضراني قلتُ لو تعلمانِه=ألم تعلما أني من الزادِ مُرمِلُ
غُرابٌ وذئبٌ ينظرانِ متى أرى=مُناخَ مبيتٍ أو مقيلاً فأنزِلُ
أغارا على ما خَيَّلتْ وكلاهُما=سيخلُفُهُ منّي للذي كانَ يأمَلُ
ـ[طاوي ثلاث]ــــــــ[01 - 11 - 2009, 05:59 م]ـ
غُرابٌ وذئبٌ ينظرانِ متى أرى ... مُناخَ مبيتٍ أو مقيلاً فأنزِلُ
أغارا على ما خَيَّلتْ وكلاهُما ... سيخلُفُهُ منّي للذي كانَ يأمَلُ
ما أجمل ما تأتي به أيها السراج، و قد ذكرني قولك (فاقترب منه مقدار ما يرمى من النبل) بقول الأحيمر السعدي (شاعر أموي عباسي) كان لصاً ففر حيث لم يرى الحيوان إنساناً فكان ما قال:
أراني و ذئب القفر ألفين بعدما ... بدأنا كلانا يشمئز و يذعر
تألفني لما دنا و ألفته ... و أمكنني للرمي لو كنت أغدر
و كلنني لم يأتمني صاحب ... فيرتاب بي مادام لا يتغير
أشكر لك مرورك، و إنك في كل مرة تمر تضيء لي درباً إلى سبع و شاعر.
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[01 - 11 - 2009, 06:20 م]ـ
بوركتما:)
وقال ابن خفاجة:
وأطلس زوار مع الليل أغبش=سرى خلف أستار الدجى يتنكر
تثاءب من مس الطوى فهو يشتكي=فيعوي وقد لفته نكباء صرصر
ودون أمانيه شرارة لهدم=يقلب فيها مثلها حين ينظر
ـ[طاوي ثلاث]ــــــــ[02 - 11 - 2009, 05:06 م]ـ
أنت المبارك يا أبا مشيش، آنسني مرورك، و حيز لي المجد بحضورك
صنيعك معي بهذه المشاركة صنيع المرقش الأكبر مع الذئب حين يقول:
ولمَّا أَضأْنا النَّارَ عِنْدَ شِوائِنا ... عَرانا عليها أَطْلَسُ اللَّونِ بائِسُ
نَبَذْتُ إليهِ حُزَّةً من شِوائِنا ... حَياءً ومَا فُحْشِي عَلى مَنْ أُجالِسُ
فَتآضَ بها جَذْلانَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ ... كما آبَ بالنَّهْبِ الكَمِيُّ المُحالِسُ
قد علمت أن أرض السباع لا تطؤها إلا مروضة السباع فتعمرها و تسرجها و تصيرها آمنة لمن رام سكناها.
ـ[السراج]ــــــــ[03 - 11 - 2009, 07:47 ص]ـ
لقد جمّعتما الذئاب هنا .. :)
وللشاعر العداء ثابت بن جابر (تبط شراً) صعلوك الجاهلية وفتّاك القوافل .. والسباع!
وتعمّدت ذكر اسمه (لوروده في الأبيات) ..
ووادٍ كجوف العير قفرٍ قطعتُهُ=بهِ الذئبُ يعوي كالخليعِ المُعيَّلِ
تعدّى بزيزاة تَعجُّ من القَوا=ومن يكُ يبغي طُرقَةَ الليلِ يُرمِلِ
فقلتُ لَهُ لمّا عَوى إن ثابتا=قليلُ الغِنى إن كُنتَ لمّا تَموَّل
كلانا إذا ما نالَ شيئاً أفاتَه=ومن يحتَرِث حَرثي وحَرثكَ يُهزَلِ
كلانا طوى كشحاً عن الحيَّ بعدما=دخلنا على كلاّبهم كُلَّ مدخَلِ
طرحتُ لَهُ نعلاً من السِّبتِ طَلّة=خِلافَ نَداً من آخر الليلِ مُخضَلِ
فَولّى بهِ جذلانَ ينفضُ رأسَه=كصاحبِ غُنْمٍ ظافِرٍ بالتحوّلِ
ـ[طاوي ثلاث]ــــــــ[04 - 11 - 2009, 06:33 م]ـ
لقد جمّعتما الذئاب هنا ..
بورك الجمع
ما أجمل ما تقتنص أيها السراج!
أخي لقد فر من بين يدي ذئب سأخرج أبحث عنه، و إني لصاحبه، إن لم أكن وجبة شهية له و لأبنائه:) فدعواتكم لي بالتوفيق.
انتظروا ذئبية مني أو إنسانية من الذئب
ـ[السراج]ــــــــ[04 - 11 - 2009, 09:03 م]ـ
ما أجمل ما تقتنص أيها السراج!
ولأن الموضوع يروق لي - فشكرا لك - تعوّدت على الاقتناص:)
انتظروا ذئبية مني أو إنسانية من الذئب
بل ذئبية، أنت لها ..
وهذه ذئبية أخرى من سفاح الذئاب العربي مالك بن الريب الشاعر المسلم، طبعاً قالها وهو يلج القفار بحثار عن صيد ثمين - فهو من الفتاك اللصوص سابقاً قبل أن يسلم -
فيروى أنه كان نائما، فأتاه ذئبٌ واقترب منه فصحا مالك وزجر الذئب فلم يزدجر فوثب إليه بسيفه، فقتله وقال - وفيها لوم للذئب على عدم ازدجاره وأنه يقاتل أسدا مفترسا لا بشرا!:
أذئبَ الغضا قدْ صرتَ للناسِ ضُحك=تفادى بكَ الركبان شرقاً إلى غربِ
فأنتَ وإن كنتَ الجريءَ جنانُهُ=منيتَ بضرغامٍ من الأُسُدُ الغُلْبِ
بمن لا ينامُ الليل إلا وسيفُه=رهينة أقوامٍ سِراع إلى الشَغْبِ
ألم ترني يا ذئبُ إذْ جئتَ طارقا=تُخاتُلني أني أمرؤٌ وافِرُ اللُبِّ
زجرتُكَ مَرّاتٍ فلمّا غلبتني=ولم تنزجر نهنهتُ غربَكَ بالضربِ
فصرتَ لُقىً لما علاكَ ابن حُرّة=بأبيضَ قَطاعٍ ينجّي من الكربِ
ألا رُبّ يومٍ ريبَ لو كنتَ شاهدا=لهالكَ ذكري عند معمعةِ الحربِ
ولستَ ترى إلا كميّاً مُجدلا=يداهُ جميعاً تثبتانِ منَ التُربِ
وآخر يهوي طائر القلب هاربا=وكنتُ امرأً في الهيجِ مُجتَمِعَ القلبِ
أصولُ بذي الزّرينِ أمشي عِرْضَنة=إلى الموتِ والأقرانُ كالإبلِ الجُربِ
أرى الموتَ لا أنحاشُ عنهُ تكرُّما=ولو شئتُ لم أركبْ على المركبِ الصعبِ
ولكن أبت نفسي وكانت أبيّة=تقاعَسُ أو ينصاعُ قومٌ من الرُعبِ
¥