تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سهل الاستعمال ولا يفرض استعماله على الكاتب مناورات معينية ولا يؤثر على طبيعة الكتابة، من ثمة عدم تطور أشكالها ومحافظتها على شكلها الصوري البدائي، بعكس الكتابة المسمارية التي أصبحت تختلف كثيراً عن هيئة مسمياتها التي كانت في البداية صورية بدائية أيضاً (مثل الصينية اليوم)!

والكتابة الصورية كتابة صعبة لأنها تفترض وجود صورة لكل مسمى، وهو ما يجعل حفظها واستعمالها بوضوح أمراً صعباً لكثرة المسميات والأشياء وكثرة الاشتراك في معاني صورها. أضف على ذلك أن كتابة المفاهيم الفكرية والمجاز شبه مستحيل في هذه الكتابة لصعوبة تصويرها. وللتمثيل على ذلك أتوقف عند مفهومَي الإله والسيادة في الكتابتين المسمارية والهيروغليفية.

لقد دل الرافدينون على كلمة /الإله/ بلغتهم ـ وهي إلٌّ ـ بنجمة. والنجمة تشير إلى السماء، وهذا يعني أن الرافدينيين كانوا يعتقدون أن الإله إنما يكون في السماء. من جهة أخرى باتت صورة النجمة مشتركة لأنها تدل على 1) النجمة و2) السماء و3) الإله. أما قدامى المصريين فعبروا عن مفهوم /السيادة/ في لغتهم برسم صورة أسد رافعاً رأسه بشموخ وعز. وهذا يعني أيضاً أن صورة الأسد في الكتابة الهيروغليفية مشتركة لأنها تدل على معنى حسي هو الأسد ومعنى مجازي هو السيادة.

إذاً أدت كثرة الاشتراك في الصور والرموز وكذلك صعوبة الدلالة على المفاهيم الفكرية والمجاز إلى اختراع طائفة من الرموز في الكتابتين لتحديد المعاني وضبطها حتى يتمكن الكاتب والقارئ على السواء من فهم السياق من أول وهلة، وهي الرموز المسماة بمحددات المعاني. مثلاً: استعمل الرافدينيون النجمة للدلالة على الإله أولاً ثم على كل ما له علاقة بالدين والعبادة ثانياً. فبمجرد رؤية نجمة في جملة يفهم القارئ منها أن الجملة تفيد معنى دينياً. الأمر ذاته ينطبق على الهيروغليفية التي تثبت صورة الرجل للدلالة على أي شيء يشير إلى الإنسان، أوصورة الخشب للدلالة على أي شيء يصنع من الخشب، بما في ذلك القوارب والسفن، مما يؤدي إلى نشوء نظام اصطلاحي يسهل على الكاتب والقارئ أمر الكتابة والقراءة، ويعقده في الوقت ذلته، مما أدى بالرافدينيين والمصريين إلى البحث عن حلول لمشكلة الكتابة الصورية التي باتت غير قادرة عن التعبير بوضوح عما يريدون تدوينه مع التقدم الفكري والعلمي للحضارتين الرافدينية والمصرية.

ومن الجدير بالذكر أن الكتابة الصينية اليوم لا تزال في المرحلة الصُّوَرية بحيث يجب على الطفل ـ مثلاً ـ أن يكون حافظاً لبضعة آلاف رمز حتى يستطيع أن يقرأ كتاباً من كتب الأطفال!

المرحلة الثانية: المرحلة المقطعية

إذاً الكتابة الصورية هي كتابة تصور الأشياء التي يراد كتابتها تصويراً كما مر معنا. أما الكتابة المقطعية فهي كتابة صوتية. والكتابة المقطعية الصوتية تتكون من مقاطع صوتية تبدأ بحرف صامت يتبعه حرف صائت قصير مثل /بَ/، /بُ/، /بِ/، أو يتبعه حرف صائت ممدود مثل /با/، /بُو/، /بِي/. وأول مَن مارسها هم أواخر السومريون وأوائل الأكاديين ـ على خلاف في ذلك. وعليه فإن الكتابة المسمارية المقطعية كانت أول كتابة مقطعية في التاريخ تطورت من خلال بحث الرافدينيين عن حل لمشكلة الكتابة الصورية، فأتت "المساميرُ" المفردة والمركبة فيها ليس للدلالة على رموز مجردة بل على مقاطع صوتية بعينها مكونة من حروف ساكنة وأصواتكما أسلفت.

وتمر قراءة الكتابة المسمارية المقطعية بثلاث مراحل هي:

1. قراءة النص الأكادي ونقل المقاطع الصوتية المسمارية إلى العربية؛

2. تجميع المقاطع الصوتية وتكوين الكلمات؛

3. القراءة والترجمة.

مثال (ورسم الكتابة المسمارية في هذا البرنامج محال):

1. بَعْ. عَلْ شَ. مِ. اي و إِرْ. صَ. تم

2. بَعْل شَمِي وإرصَتِم

3. "رَبُّ السماوات والأرض".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير