تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و كان أنى مشى مالت عقائلها ** شوقا إليه و كاد الحسن يسبيها

هتفن تحت الليالي باسمه شغفا ** و للحسان تمنٍّ في لياليها

جززت لمته لما أتيتَ به ** ففاق عاطلها في الحسن حاليها

فصحت فيه تحول عن مدينتهم ** فإنها فتنة أخشى تماديها

و فتنة الحسن إن هبت نوافحها ** كفتنة الحرب إن هبت سوافيها

(عمر و رسول كسرى)

و راع صاحب كسرى أن رأى عمرا** بين الرعية عطلا و هو راعيها

و عهده بملوك الفرس أن لها ** سورا من الجند و الأحراس يحميها

رآه مستغرقا في نومه فرأى ** فيه الجلالة في أسمى معانيها

فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا ** ببردة كاد طول العهد يبليها

فهان في عينه ما كان يكبره ** من الأكاسر والدنيا بأيديها

و قال قولة حق أصبحت مثلا ** و أصبح الجيل بعد الجيل يرويها

أمنت لما أقمت العدل بينهم ** فنمت نوم قرير العين هانيها

(عمر و الشورى)

يا رافعا راية الشورى و حارسها ** جزاك ربك خيرا عن محبيها

لم يلهك النزع عن تأييد دولتها ** و للمنية آلام تعانيها

لم أنس أمرك للمقداد يحمله ** إلى الجماعة إنذارا و تنبيها

إن ظل بعد ثلاث رأيهم شعبا ** فجرد السيف و اضرب في هواديها

فاعجب لقوة نفس ليس يصرفها ** طعم المنية مرا عن مراميها

درى عميد بني الشورى بموضعها ** فعاش ما عاش يبنيها و يعليها

و ما استبد برأي في حكومته ** إن الحكومة تغري مستبديها

رأي الجماعة لا تشقى البلاد به ** رغم الخلاف و رأي الفرد يشقيها

(مثال من زهده)

يا من صدفت عن الدنيا و زينتها ** فلم يغرك من دنياك مغريها

ماذا رأيت بباب الشام حين رأوا ** أن يلبسوك من الأثواب زاهيها

و يركبوك على البرذون تقدمه ** خيل مطهمة تحلو مرائيها

مشى فهملج مختالا براكبه ** و في البراذين ما تزها بعاليها

فصحت يا قوم كاد الزهو يقتلني ** و داخلتني حال لست أدريها

و كاد يصبو إلى دنياكم عمر ** و يرتضي بيع باقيه بفانيها

ردوا ركابي فلا أبغي به بدلا ** ردوا ثيابي فحسبي اليوم باليها

(مثال من رحمته)

و من رآه أمام القدر منبطحا ** و النار تأخذ منه و هو يذكيها

و قد تخلل في أثناء لحيته ** منها الدخان و فوه غاب في فيها

رأى هناك أمير المؤمنين على ** حال تروع لعمر الله رائيها

يستقبل النار خوف النار في غده **والعين من خشية سالت مآقيها

(مثال من تقشفه و ورعه)

إن جاع في شدة قومٌ شركتهم ** في الجوع أو تنجلي عنهم غواشيها

جوع الخليفة و الدنيا بقبضته ** في الزهد منزلة سبحان موليها

فمن يباري أبا حفص و سيرته ** أو من يحاول للفاروق تشبيها

يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها ** من أين لي ثمن الحلوى فأشريها

لا تمتطي شهوات النفس جامحة ** فكسرة الخبز عن حلواك تجزيها

و هل يفي بيت مال المسلمين بما ** توحي إليك إذا طاوعت موحيها

قالت لك الله إني لست أرزؤه ** مالا لحاجة نفس كنت أبغيها

لكن أجنب شيأ من وظيفتنا ** في كل يوم على حال أسويها

حتى إذا ما ملكنا ما يكافئها ** شريتها ثم إني لا أثنيها

قال اذهبي واعلمي إن كنت جاهلة ** أن القناعة تغني نفس كاسيها

و أقبلت بعد خمس و هي حاملة ** دريهمات لتقضي من تشهيها

فقال نبهت مني غافلا فدعي ** هذي الدراهم إذ لا حق لي فيها

ويلي على عمر يرضى بموفية ** على الكفاف و ينهى مستزيدها

ما زاد عن قوتنا فالمسلمين به ** أولى فقومي لبيت المال رديها

كذاك أخلاقه كانت و ما عهدت ** بعد النبوة أخلاق تحاكيها

(مثال من هيبته)

في الجاهلية و الإسلام هيبته ** تثني الخطوب فلا تعدو عواديها

في طي شدته أسرار مرحمة ** تثني الخطوب فلا تعدو عواديها

و بين جنبيه في أوفى صرامته ** فؤاد والدة ترعى ذراريها

أغنت عن الصارم المصقول درته ** فكم أخافت غوي النفس عاتيها

كانت له كعصى موسى لصاحبها ** لا ينزل البطل مجتازا بواديها

أخاف حتى الذراري في ملاعبها ** و راع حتى الغواني في ملاهيها

اريت تلك التي لله قد نذرت ** انشودة لرسول الله تهديها

قالت نذرت لئن عاد النبي لنا ** من غزوة العلى دفي أغنيها

و يممت حضرة الهادي و قد ملأت ** أنور طلعته أرجاء ناديها

و استأذنت ومشت بالدف واندفعت ** تشجي بألحانها ما شاء مشجيها

و المصطفى و أبو بكر بجانبه ** لا ينكران عليها من أغانيها

حتى إذا لاح من بعد لها عمر **خارت قواها و كاد الخوف يرديها

و خبأت دفها في ثوبها فرقا ** منه وودت لو ان الأرض تطويها

قد كان حلم رسول الله يؤنسها ** فجاء بطش أبي حفص يخشيها

فقال مهبط وحي الله مبتسما ** و في ابتسامته معنى يواسيها

قد فر شيطانها لما رأى عمر **إن الشياطين تخشى بأس مخزيها

(مثال من رجوعه إلى الحق)

و فتية ولعوا بالراح فانتبذوا ** لهم مكانا و جدوا في تعاطيها

ظهرت حائطهم لما علمت بهم ** و الليل معتكر الأرجاء ساجيها

حتى تبينتهم و الخمر قد أخذت ** تعلو ذؤابة ساقيها و حاسيها

سفهت آراءهم فيها فما لبثوا ** أن أوسعوك على ما جئت تسفيها

و رمت تفقيههم في دينهم فإذا ** بالشرب قد برعوا الفاروق تفقيها

قالوا مكانك قد جئنا بواحدة ** و جئتنا بثلاث لا تباليها

فأت البيوت من الأبواب يا عمر ** فقد يُزنُّ من الحيطان آتيها

و استأذن الناس أن تغشى بيوتهم ** و لا تلم بدار أو تحييها

و لا تجسس فهذي الآي قد نزلت ** بالنهي عنه فلم تذكر نواهيها

فعدت عنهم و قد أكبرت حجتهم ** لما رأيت كتاب الله يمليها

و ما أنفت و إن كانوا على حرج ** من أن يحجك بالآيات عاصيها

(عمر وشجرة الرضوان)

و سرحة في سماء السرح قد رفعت ** ببيعة المصطفى من رأسها تيها

أزلتها حين غالوا في الطواف بها ** و كان تطوافهم للدين تشويها

(الخاتمة)

هذي مناقبه في عهد دولته ** للشاهدين و للأعقاب أحكيها

في كل واحدة منهن نابلة ** من الطبائع تغذو نفس واعيها

لعل في أمة الإسلام نابتتة ** تجلو لحاضرها مرآة ماضيها

حتى ترى بعض ما شادت أوائلها ** من الصروح و ما عاناه بانيها

وحسبها أن ترى ما كان من عمر ** حتى ينبه منها عين غافيها

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير