لاتحظر العفو إن كنت امرَأًحَرِجاً=فإن حظركه في الدين إزراءُوقال أيضاً:
إنما العيشُ سماعٌ=ومُدامٌ ونِدامُ
فإذا فاتكَ هذا=فعلى الدنيا السلامُ
وقال:
لاتبكِ ليلى ولا تطربْ إلى هندِ=واشربْ على الوردِ من حمراء كالوردِ
كأساً إذا انحدرتْ في حَلقِ شاربها=أجْدَتْهُ حُمْرتها في العينِ والخدِّ
فالخمرُ ياقوتةٌ والكأسُ لؤلؤةٌ=في كفِّ جاريةٍ ممشوقة القّدِّ
تسقيكَ من يدها خَمْراً ومن فمها=خمراً فما لك من سُكرينِ من بُدِّوقال:
ويسمجُ من سواكَ الشئُ عندي=فتفعله، فيحسن منك ذاكا
وقال في مدح والي الخراج في الفسطاط بمصر الخصيب بن عبدالحميد:
أجارةَ بيتينا أبوكِ غيورُ=وميسورُ ما يُرجى لديكِ عسيرُ
وإن كنتِ لا خِلْماً ولا أنتِ زوجةٌ=فلا برحَتْ دوني عليكِ ستورُ
إذا لم تزرْ أرضَ الخصيبِ ركابنا=فأي فتىً بعد الخصيبِ تزورُ
فتىً يشتري حسن الثناء بماله=ويعلمُ أن الدائراتِ تدورُ
من القومِ بسَّامٌ كأنَّ جبينهُ=سنا الفجرِ يسري ضوءُهُ وينيرُ
وإني جديرٌ إذ بلغتُكَ بالمُنى=وأنتَ بما أمّلتُ منكَ جديرُ
فإن تُولِني منك الجميلَ فأهلُهُ=وإلّا فإنّي عاذرٌ وشكورُ
ويقول أيضاً:
يامنَّةً إمتَنَّها السُكرُ=ما ينقضي مني لكَ الشكرُ
أعطتكَ فوقَ مُناكَ من قُبَلٍ=مَنْ قيلَ إنَّ مَرامها وَعْرُ
أنت الخصيبُ وهذه مصرُ=فتدفقا فكلاكما بحرُ
لاتقعدا بيَ عن مدى أملي=شيئاً فما لكما بهِ عذرُ
ويَحِقُ لي إذ صرتُ بينكما=ألَّا يحِلُّ بساحتي فقرُ
النيلُ يُنعشُ ماءهُ مصراً=ونداك ينعش أهلَهُ الغَمْرُ
أما في الهجاء فيقول في فضل الرقاشي:
واللهِ لو كنتُ جريراً لما=كنتُ بأهجى لكَ من أصلكا
وله في الغزل (وأجوده في حبيبته في البصرة التي لم تبادله الحب واسمها جنان وكانت تندب في أحد المآتم):
ياقمراً أبصرتُ في مأتمٍ=يندبُ شجواً بين أترابِ
أبرزهُ المأتمُ لي كارهاً=برغم داياتٍ وحُجَّابِ
يبكي فيُذري الدُّرَّ من نرجسٍ=ويَلطِمُ الوردَ بِعُنَّابِ
لاتبكِ ميتاً حلَّ في حُفرةٍ=وابكِ قتيلاً لكَ بالبابِ
لازالَ موتاً دَأبُ أحبابهُ=وكان أنْ أُبرهُ دابي
وفي رثاء الأمين يقول:
يادارُ مافعلت بكِ الأيامُ=لم تُبقِ فيكِ بشاشةً تُسْتامُ
وقال في رثاءهُ أيضاً (وهي من أجود مراثيه):
طوى الموتُ ما بيني وبين محمدٍ=وليس لما تطوي المنيَّةُ ناشرُ
فلا وصلَ إلا عبرةٌ تستديمها=أحاديثُ نفيسٍ مالها الدهرَ ذاكرُ
وكنتُ عليهِ أحذرُ الموتَ وحدهُ=فلم يبق لي شيئٌ عليهِ أُحاذِرُ
لئن عَمَرَت دورٌ بمن لا أودُّهُ=لقد عمرت ممن أُحبُّ المقابرُ
ويقول في حبيبته جنان أبيات ختمها بـ:
ما زال يفعل في هذا ويدمنه=حتى صار من همي ومن وطري
أما في المدح فهو أول من استحدث المدح المبالغ فيه كما قال في الرشيد:
وأخفتِ أهل الشركِ حتى إنهُ=لتخافُكَ النُطَفُ التي لم تُخلقِ
وقوله فيه أيضاً:
ملكٌ تصوَّرَ في القلوبِ مثالُهُ=فكأنهُ لم يخلُ منهُ مكانُ
وقولهُ في الأمين:
يا ناقُ لاتسأمي أو تبلغي ملكاً=تقبيلُ راحتهِ والركنِ سيَّانِ
محمدٌ خيرُ من يمشي على قدمٍ=ممن بزا اللهُ من إنسٍ ومن جانِ
وهذه مبالغة مابعدها مبالغة يقولها في أحد ممدوحيه:
تغطَّيتُ من دهري بظلِّ جناحهِ=فعيني ترى دهري وليس يراني
فلو تُسألُ الأيامُ ما أسمي لما درت=وأين مكاني ماعرفنَ مكاني
استطراد: وتذكرني مبالغته هذه بما قاله أحمد شوقي للخديوي عباس:
مولاي عباس أهداني مظللة=ظلَّلَ اللهُ عباساً ورعاهًُ
مالي وللشمسِ أخشاها وأرهبها=من كان في ظلِّهِ فالشمسُ تخشاهُ
وقال أبونواس ايضاً:
أضحى الإمام محمدٌ=للدين نوراً يُقتَبَسْ
تبكي البدورُ لضحكهِ=والسيفُ يضحكُ إن عَبَسْ
ويقول:
فَلَيْتََ ما أنتَ واطٍ=من الثَرَى لي رَمْسَا
فائدة نحوية أنقلها من الديوان أيضاً: لا حظ أن "رمس" أتت منصوبة على أنها تمييز (وليست مرفوعة على انها خبر ليت، فإن "لي" هي خبر ليت وتقدير الجملة هو ليت التراب لي" وقد اكتمل المعنى أما "رمسا" فهو تمييز لنوع التراب. وهذا كقولنا:ليت ثوبك هذا لي إزاراً، فإزاراً هو تمييز للثوب) من كتاب شوقي ضيف" العصر العباسي الأول
و أخيراً، وجدت لهُ في ديوانه أربعة أبيات بعنوان "أسهم العشق" (ديوانه ص 298):
حنانٌ حصّلتْ قلبي=فما إن فيه من باقِ
لها الثلثانِ من قلبي=وثُلثا ثُلثِهِ الباقي
وثلثا ثلثِ ما يبقى= وثلثُ الثلثِ للساقي
فتبقى أسهمٌ ستٌّ=تُجزَّا بين عشَّاقِ
قسّم أبو نواس قلبه إلى 243 سهم أعطى جنان 234 سهم وأعطى الساقي ثلاثة أسهم والستة الأسهم المتبقية وزَّعها على عشاقها الست بواقع سهم واحد لكل منهم!. (على فرض أن عشاقها ستة)
(ملاحظة: اضطررت اللجوء لمدرس رياضيات الذي لجأ بدوره لبرنامج أسماه مايكروسوفت أكسل ليصل لهذه الحسبة، أما أبو نواس فقد وصل للنتيجة بسرعة بالبيت الثالث " فتبقى أسهمٌ ستٌّ".
وأترك التعليق لكم ...
بوحمد
¥