منذا يلبّي شموخَ النّخل محترقاً=وفي "زبطرةَ" تشكو الخُرّدُ العُرُبُ
كلٌّ يصيحُ وما يهتزُّ معتصمٌ=وما تقدّمهُ جيشٌ ولا رُعُبُ
قريشُ أشغلها عن نصبِ رايتها=تألّقُ الكوكب الغربيِّ والذّنبُ
سودُ الصحائف تُنبيها وتخدعُها=وزخرفُ القولِ والتنجيمُ والكذبُ
قريشُ حطّمتِ الأصنام من زمنٍ=واليومَ أصنامها البترولُ والذّهبُ
كأنّما أصبحا أغلى بصفقتها=من أحمرٍ فوقَ رمل البيد ينسكبُ
يا سيّدي يا أبا تمّامَ يؤسفني=تغيّرتْ بعدما غادرتها العرَبُ
عروبة اليومِ راياتٌ مشتّتةٌ=عروبة اليومِ لا لونٌ ولا لقبُ
"أبو رغال" تهادى في مسالكها=و"العلقميُّ" له الشّاراتُ والرّتبُ
فتح الفتوح وهذا السّيف يأكلُهُ=في غمده الصّدأُ المركومُ، والخطَبُ
عُرْبٌ ولكنْ إلى "نيويوركَ" قِبْلتُهم=فيها ـكما حسبوا ـالأمجادُ والحسبُ
زهْوُ الرّشيد بريقٌ في مباسمهم=وقلبهم لهوى "نقفورَ" منتسبُ
لو شعبهم ردّ عن أجفانِهِ وَسَناً=شدّوا عليه، وثار الحقدُ والغضبُ
أمّا إذا "خيبرُ" صبّتْ شواظ لظىً=تحرّفوا عن رباط الخيل، وانسحبوا
ماذا أعُدُّ ـأبا تمّامَ ـمِنْ حُرَقيأ=خنَتْ على قومك الأيّام والنّوَبُ
أقلّها تذبحُ السكّينُ نخوتَها=والسّيفُ مُعتقَلٌ والرّمح مُنقلبُ
والخيلُ أغفَتْ على أوتادها ... نسيَتْ=طعمَ الصّهيل، فلا ضبْحٌ ولا جلَبُ
عادتْ إلينا علوج الرّوم حاقدةً=وجندُ قيصرَ تسبينا وتستلبُ
تسعون ألفاً منَ الأبواقِ نافخةٌ=لمّا تساقَطَ في "عمّوريّةَ" اللّهبُ
ولو سمعتَ، لهم رعدٌ بلا مطرٍ=وليتها أمطرت من رعدهم سُحُبُ
وأغمضوا عينهم عن كلِّ بارقةٍ=لا الشّمسُ توقظهم لا الريحُ لا الكُرَبُ
قلْتَ: "النِّزالَ" فما أصغتْ مسامعهم=وقّلبوا كتب التّنجيم وارتقبوا
سعَوا إلى الراحة الكبرى كما بَصُروا=في مجلس الأمن لا كدٌّ ولا تعبُ
في بابه انتظروا نصراً ومكرمةً=قالوا سينضجُ فيه التينُ والعنبُ
ماذا فعلنا؟ أبا تمام قلت لنا=الحزم يثني خطوب الدهر لا الخطبُ"
ماذا فعلْنا؟ على التلْفاز تصلبنا=شراسة الذئب والحملان تُغتصَبُ
ماذا فعلْنا؟ على التلفاز سهرتنا=نحسو الهموم دماً حيناً .. ونحتلبُ
نشاهد الصّلّ والأفعى تُصافحها=أيدٍ مِنَ العُرْب ـشُلّتْ ـوشمُها كذِبُ
نشاهد الأرز محطوماً على حجرٍ=والأمُ تزهق والأطفالُ واللُّعَبُ
أنّى التفتّ أرى الأشجار باكيةً=والعشب في شجن، والزّهر ينتحبُ
فهل ترى ـيا أبا تمّامَ ـبارقةً؟ =ودربنا في مهبّ الريح منشعبُ؟
إلا الشآم ... وسيف في الجنوب أبى=أن يسرق القمر الورديّ مغتصبُ
إلا الشآم .. جذور الشمس في يدهات=جاذب الفجر والظلماء تصطخبُ
إلا الشّآم ... أرى أحداقها ألقاً=وحلمها من تخوم الصحو يقتربُ
هل تحجب الأملَ الْمرجوّ داجيةٌ؟ =إنّ السّماء ترجّى حين تحتجبُ"
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[22 - 05 - 2007, 09:52 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الحارث أتعبت نفسك مأجوراً، كان قصدي الخوة من الداخل.