كما رَشَفَ الصَّادي وَقائِعَ مُزْنَةٍ=رِشاشٍ تَوَلّى صَوْبُها حينَ أَقْلَعا
شَكَوْتُ إليها ضَبْثَةَ الحَيِّ بالحَشا=وخَشْيَةَ شَعْبِ الحَيِّ أن يَتَوَزَّعا
فما كَلَّمَتْني غيرَ رَجْعٍ وإنّما=تَرَقْرَقَتِ العَيْنانِ منها لِتَدْمَعا
كأنّكَ بِدْعٌ لمْ تَرَ البَيْنَ قَبْلَها=ولم تَكُ بالأُلاّفِ قبلُ مُفَجَّعا
فليتَ جِمالَ الحَيِّ يومَ تَرَحَّلوا=بِذي سَلَمٍ أَمْسَتْ مَزاحِيفَ ظُلَّعا
فَيُصْبِحْنَ لا يُحْسِنَّ مَشْياً بِراكِبٍ=ولا السَّيرَ في نَجْدٍ وإنْ كانَ مَهْيَعا
أَتَجْزَعُ والحَيَّانِ لم يَتَفَرَّقا=فكيفَ إذا داعي التَّفَرُّقِ أَسْمَعا
فَرُحْتُ ولو أَسْمَعْتُ ما بي مِنَ الجَوى=رَذِيَّ قِطارٍ حَنَّ شَوْقاً ورَجَّعا
ألا يا غُرابَيْ بيتِها لا تَرَفَّعا=وطِيرا جَميعاً بالهَوى وقَعا مَعا
أَتَبْكي على رَيّا ونَفسُكَ باعَدَتْ=مَزارَكَ مِن رَيَّا وشَعْباكُما مَعا
فما حَسَنٌ أنْ تَأْتِيَ الأمرَ طائِعاً=وتَجْزَعَ أنْ داعي الصَّبابَةِ أَسْمَعا
كأنَّكَ لم تَشْهَدْ وداعَ مُفارِقٍ=ولم تَرَ شَعْبَيْ صاحِبَيْنِ تَقَطَّعا
تَحَمَّلَ أَهْلي مِن قَنِينَ وغادَروا=بهِ أَهْلَ ليلى حِينَ جِيدَ وأَمْرَعا
ألا يا خَليلَيَّ اللّذَيْنِ تَواصَيا=بِلَوْميَ إلاّ أَن أُطيعَ وأضْرَعا
فإنّي وَجَدْتُ اللَّوْمَ لا يُذْهِبُ الهوى=ولكنْ وجَدْتُ اليأسَ أَجْدى وأنْفَعا
قِفا إنَّهُ لا بُدَّ من رَجْعِ نَظْرَةٍ=مُصَعَّدَةٍ شَتّى بها القومُ أوْ مَعا
لِمُغتَصَبٍ قد عَزَّهُ القومُ أَمْرَهُ=يُسِرُّ حَياءً عَبْرَةً أنْ تَطَلَّعا
تَهيجُ لهُ الأَحْزانُ والذِّكْرُ كلَّما=تَرَنَّمَ أوْ أَوْفى مِنَ الأرضِ مَيْفَعا
قِفا وَدِّعا نَجْداً ومَنْ حَلَّ بالحِمى=وقَلَّ لِنَجْدٍ عندنا أنْ يُوَدَّعا
بنَفْسي تِلْكَ الأرضُ ما أَطْيَبَ الرُّبى=وما أَحْسنَ المُصْطافَ والمُتَرَبَّعا
وأَذْكُرُ أيّامَ الحِمى ثمَّ أَنْثَني=على كَبِدي مِن خَشْيَةٍ أنْ تَصَدَّعا
فَلَيْسَتْ عَشِيَّاتُ الحِمى بِرَواجِعٍ=عليكَ ولكنْ خَلِّ عَيْنَيْكَ تَدْمَعا
مَعي كُلُّ غِرٍّ قد عَصى عاذِلاتِهِ=بِوَصْلِ الغَواني مُذ ْلَدُنْ أن تَرَعْرَعا
إذا راحَ يَمْشي في الرِّداءَيْنِ أَسْرَعَتْ=إليهِ العُيونُ النَّاظِراتُ التَّطَلُّعا
وسِرْبٍ بَدَتْ لي فيهِ بيضٌ نواهِدٌ=إذا سُمْتُهُنَّ الوَصْلَ أَمْسَيْنَ قُطَّعا
مَشَيْنَ اطِّرادَ السَّيْلِ هَوْناً كأَنَّما=تَراهُنَّ بالأَقْدامِ إذا مِسْنَ ظُلَّعا
فقلتُ سَقى اللهُ الحِمى دِيَمَ الحَيا=فَقُلْنَ سَقاكَ اللهُ بالسُّمِّ مُنْقَعا
فقلتُ عليكنّ السَّلامُ فلا أَرى=لِنَفْسي مِن دونِ الحِمى اليومَ مَقْنَعا
فَقُلنَ أَراكَ اللهُ إنْ كنتَ كاذِباً=بَنانَكَ مِن يُمْنى ذِراعَيْكَ أَقْطَعا
ولمّا رأيتُ البِشْرَ أَعْرَضَ دونَنا=وجالَتْ بَناتُ الشَّوْقِ يَحْنِنَّ نُزَّعا
تَلَفَّتُّ نحوَ الحَيِّ حتى وَجَدْتُني=وَجِعْتُ مِنَ الإصْغاءِ لِيتاً وأَخْدَعا
فإنْ كُنتمُ تَرْجونَ أن يَذْهَبَ الهوى=يَقيناً ونَرْوى بالشَّرابِ فَنَنْقَعا
فَرُدُّوا هُبوبَ الرّيحِ أو غَيِّروا الجَوى=إذا حَلَّ أَلْواذَ الحَشا فَتَمَنَّعا
أَما وجَلالِ اللهِ لو تَذْكُرِينَني=كَذِكْرِيكِ ما كَفَفْتُ للعينِ أَدْمُعا
فقالتْ بلى واللهِ ذِكْراً! لو انَّهُ=يُصَبُّ على الصَّخْرِ الأَصَمِّ تَصَدَّعا
فما وَجْدُ عُلْويِّ الهوى حَنَّ واجْتَوى=بِوادي الشَّرى و الغَوْرِ ماءً ومَرْتَعا
تَشَوَّقَ لمّا عَضَّهُ القَيْدُ واجْتَوى=مَراتِعَهُ مِن بينِ قُفٍّ وأَجْرَعا
ورامَ بِعَيْنَيْهِ جِبالاً مُنيفَةً=ومالا يَرى فيهِ أَخو القيدِ مَطْمَعا
إذا رامَ مِنها مَطْلَعاً رَدَّ شَأْوَهُ=أَمينُ القٌوى عَضَّ اليَدينِ فأَوْجَعا
بِأَكْبَرَ مِن وَجْدٍ بِرَيّا وَجَدْتُهُ=غَداةَ دَعا داعي الفِراقِ فأَسْمَعا
ولا بَكْرَةٍ بِكْرٍ رَأَتْ مِن حُوارِها=مَجَرّاً حَديثاً مُسْتَبيناً ومَصْرَعا
إذا رَجَّعَتْ في آخرِ الليلِ حَنَّةً=لِذِكْرِ حَديثٍ أَبْكَتِ البُذْلَ أَجْمَعا
لقد خِفْتُ أَن لا تَقنَعَ النَّفْسُ بعدهُ=بشْيءٍ مِنَ الدُّنْيا وإنْ كانَ مُقْنِعا
وأَعْذِلُ فيهِ النَّفْسَ إذ حِيلَ دُونَهُ=وتَأْبى إليهِ النَّفْسُ إلاّ تَطَلُّعا
سَلامٌ على الدّنيا فما هِيَ راحَةٌ=إذا لم يَكُنْ شَمْلي وشَمْلُكُمُ معا
ولا مَرْحَباً بالرَّبْعِ لستُمْ حُلولَهُ=ولو كانَ مُخْضَلَّ الجَوانِبِ مُمْرِعا
فماءٌ بلا مَرْعىً ومَرْعىً بِغَيْرِ ما=وحيثُ أَرى ماءً و مَرْعىً فَمَسْبَعا
لعَمْري لقد نادى مُنادي فِراقِنا=بِتَشْتيتِنا في كُلِّ وادٍ فأَسْمَعا
كأَنّا خُلِقْنا للنَّوى وكأنّما=حَرامٌ على الأَيّامِ أن نَتَجَمَّعا
الصمة القشيري
ولنا عودة بإذن الله
ـ[ابو الفوارس]ــــــــ[29 - 05 - 2007, 02:27 م]ـ
بارك الله في المشاركين واتمنى ان يلقى الموضوع إقبال اكبر
¥