هذه همستي إلى كل قلبٍ عاشقٍ للرضى وهذي وصاتي ** ونداءٌ مضمّخٌ بعبيرٍ لأناسٍ يستروحون العظاة
فاعمر الوقت بالتراتيلِ وانصب تحت جنح الدجى وحين الغداة ** واغنم العمر فالمنايا خفايا كم دهى الخطب أنفساً غافلات
ليس تغنيك توبةٌ أو بكاءٌ حين تمنى بهجمة النازعات ** إنه موعدٌ وما عنه مأوى لو سكنت البروج والناطحات
أين أهل السلطان والجاهِ ممن تاه فخراً في الأعصر الماضيات ** أولم يفتك الرّدى بقصورٍ وديارٍ بأهلها آهلات
كدّر الموت صفوهم ثمّ بادوا وتجلّت رسومهم دارسات ** أين من غرّه جمالٌ ومالٌ من كبار السادات والسيدات
سكنوا باطن الثرى بعد عزٍّ في ظلال المنازل الشامخات ** أكل الترب حسنهم وتمشى الدود يرعى في أعظمٍ باليات
إن في صرعة الزّمان اعتبارا كيف تمضي أيامه خاطفات ** فلتبادر إلى اغتنام الليالي ولحوقٍ للركب قبل الفوات
حين تمضي إلى إلهٍ عظيمٍ وعليمٍ بالجهرِ والخافيات ** جامع الناس في مقامٍ رهيبٍ ومعيد العظام بعد الشتات
في مقامٍ تكون فيه البرايا خاضعات لربها مهطعات ** فيه تجثوا قوافل الناس خوفاً ويحل الذهول بالمرضعات
لو رأيت الأبناء ولّوا فراراً عن نداءالآباء والأمّهات ** هلعٌ يُمطر الورى فاستكانوا في وجيفٍ وأعينٍ شاخصات
وبكاءٍ وحرقةٍ ثم يدنو كوكب الشمس من حفاةٍ عراة ** ليس للمرء ملجأ فيه إلا بمزايا أعماله الصالحات
ولمن واجهوا فلول الخطايا بدروعٍ من التقى سابغات ** ودعاة لهديه في البرايا بقلوبٍ رفيقة راحمات
يقطف المؤمنون أزهار أمنٍ ويرون البشائر المرضيات ** حورُ عينٍ وسندسٍ وثمار وفيوض من أنهرٍ جاريات
في نعيم لا ينقضي ومزيدٍ لوجوهٍ لربها ناظرات ** يا إلهي إني مقرّ بذنبي وخطايا جوارحٍ مسرفات
ما جهلت المقام أو كان قلبي مشرئبّاً إلى دروب العصاة ** ضعف نفسي وحسن ظني بربي جرّني للقصور في واجباتي
يا رحيما بعبده يا عفوّاً يا محل الآمال والمكرمات ** يا إلهي ومن إليه التجائي يا ربيع الأفكار والذكريات
رضّني بالقضاء وامنن بفضلٍ وببردٍ للعيش بعد الوفاة ** يا منى خاطري وسلوى فؤادي ليس إلا إلى رضاك التفاتي
منك حولي وقوتي واتكالي يا نصيري فلا تكلني لذاتي ** جِدْ على عبدك المرجّى نوالاً من عطايا آلائك المشرقات
واهدي قلبي يا خالقي وارض عنّي فالرضا منك منتهى الأمنيات ** أنت ألبستني من الفضل ثوباً بل ثياباً فضفاضةً ضافيات
يا غياث الملهوف من كل كربٍ يا معيناً للمرء في المعضلات ** لا تدعني لحادثات الليالي وأجرني مما به الغيب آت
وقني من لهيب نارٍ تلضّى بسياجٍ من التقى والثبات ** يا جواداً بلطفه يا عفوّاً لرزايا كبائرٍ أهو هنات
يا ملاذاً تهفو إليه البرايا والمرجى لفك أسر العناة ** أُمْحُ عنّي صحائفاً من ذنوبي واعف عنّي يا غافر السيّئات
فاقتراف الذنوب عنوان ضعفي والتمادي في غيّها من سماتي ** يا أنيسي عُدّتي واعتمادي وملاذي في ظلمة النائبات
وسروري وبهجتي ورجائي وضيائي في مدلج الحالكات ** هذه لوعتي وهذي دموعي واشتياقي وقصّتي وشكاتي
أبتغيها ذخراً ليومٍ عظيمٍ يا إلهي لعلّ فيها نجاتي ** وصلاةً زكيّةً وسلاماً للنبي الكريم خير الدعاةِ
الشيخ د. ناصر بن مسفر الزهراني
استاذا البلاغة والنقد بجامعة ام القرى بمكة المكرمة
ـ[الأحيمر السعدي]ــــــــ[31 - 08 - 2007, 09:42 م]ـ
بارك الله بك أخي حسن فنحن بحاجة ماسه لمثل هذه القصائد لحفظ توازننا النفسي وحتى لا ننجرف وراء قصائد الحب والمحبوب فقط
ـ[ليلى الاخيلية]ــــــــ[01 - 09 - 2007, 08:11 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء أخي حسن الزبيدي على هذه الدُّرة الثمينة ..
وجزى قائلها الشيخ ناصر خيراً وسدده ..
ـ[الأحيمر السعدي]ــــــــ[01 - 09 - 2007, 08:59 م]ـ
هل أنت أبو عبد الله يا حسن؟