اسهام طه حسين:
لقد أحس طه حسين منذ البدء بأن هذا الفرض المرغليوثي مع أنه الفرض التأسيسي الذي قامت عليه بقية فروضه، إلا أنه يظل أضعف تلك الفروض جميعاً، ولذلك اتبع طه حسين منهج المراوغة في الدفاع عن هذا الفرض قائلاً: «إن القرآن ليس بنثر ولا بشعر. وإذاً ما يكون؟ قال إنه قرآن وحسب. وفي تلك الإجابة ما فيها من المراوغة والدفاع الجزئي عن فرض مارغليوث، إلا أن طه حسين ما عتَّم أن نسب القرآن إلى العصر الجاهلي وتلك هي بغية مارغليوث في الصميم، قال طه حسين: «قلت إن القرآن أصدق مرآة للحياة الجاهلية. وهذه القضية غريبة حين تسمعها، ولكنها بديهية حين تفكر فيها قليلا، فليس من اليسير أن نفهم أن الناس قد أعجبوا بالقرآن حين تليت عليهم آياته إلا أن يكون بينهم وبينه صلة، هي الصلة التي توجد بين الأثر الفني البديع وبين الذين يُعجبون به حين يسمعونه أو ينظرون إليه».
ومعنى هذا القول إن الجاهليين كانوا ينتجون آثاراً أدبية شبيهة بالقرآن في تركيبه ونظمه، وشبيهة به في مضمونه كذلك، فهو تصوير الحياة الجاهلية وكذلك آثار الجاهليين الأدبية لا بد أن تكون تصويراً لحياتهم الاجتماعية، ثم أضاف طه حسين إلى المقتطف السابق: بعد أقل من سطرين دعوى تشرح ما قال آنفاً حيث يقول: «وليس من اليسير بل ليس من الممكن أن نصدّق أن القرآن كان جديداً كله على العرب، فلو كان كذلك لما فهموه ولا وعوه»!
ثم انزلق طه حسين في غمار حماسته لتأييد فرض مرغليوث لتكذيب ما رواه القرآن عن بناء الكعبة، فقال: «للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضاً، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي، فضلاً عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها». وهو النص الذي أثار ثائرة الأزهريين وسائر العلماء على طه حسين، مع أنه لم يكن أخطر النصوص في كتاب (في الشعر الجاهلي) الذي كان أخطر الفتن الإستشراقية قاطبة لهدم الإسلام.
لقد كان طه حسين على أشد ما يكون توقداً وحماسة لأداء هذا الدور نيابة عن موكليه الكبيرين هاملتون جب ويفيد صمويل مارغليوث المستشرقين، وكان ملوكياً في ذلك أكثر من الملوك، كما يقولون، وفي هذا المدى فربما كان استغناء طه حسين عن أستاذه جب، واستناده بالكامل من ثم على مارغليوث، هو سبب نقمة جب عليه، ونقده إياه على حواشي النسخة الموجودة بهارفارد. ولا شك أن طه حسين قد تطرّف تطرفاً بالغاً وحاول فيه أن يختصر على المستشرقين جهودهم وينجز لهم أهدافهم الخطيرة بضربة واحدة يجفف بها منابع الشريعة الإسلامية بإثباته أن القرآن شعر وليس نصاً موحى به من عند الله تعالى.
منقول من صحيفة الصحافة السودانية، عدد اليوم 5/ 9/1007م
ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[05 - 09 - 2007, 05:57 م]ـ
إخوتي الكرام أعضاء الفصيح، هذا مقال كتبه الأستاذ الدكتور محمد وقيع الله أحمد، وهو أستاذ جامعي سوداني، يقيم في أمريكا ويعمل في جامعاتها منذ ما يقارب عشرين عاما، وله كتابات كثيرة عن الإسلام والغرب، وقد نال في العام الماضي جائزة سمو الأمير نائف بن عبد العزيز آل سعود للدراسات الإسلامية، ببحثه عن (دراسة الإسلام في المناهج الغربية-عرض ونقد) في نحو 750 صفحة.
أرجو أن تقرأوا المقال بدقة، وهي طويلة بعض الشيء لكنها مهمة، وأنتظر تعليقاتكم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[05 - 09 - 2007, 05:58 م]ـ
جزاكم الله خيرا أستاذنا الكريم
ومن المعلوم أن معاصري طه حسين قد قاموا عليه يفندون أقواله، ويبينون جهالاته وضلالاته، ومن أشهر من رد عليه مصطفى صادق الرافعي في كتابه (تحت راية القرآن).
ـ[بن باقر]ــــــــ[11 - 09 - 2007, 01:56 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(أعتذر من الخروج عن الموضوع قليلاً)
لقد أفسد المستشرقون (التبشيريون) (المستعمرون) 1 أكثر علوم الشريعة، وأكثر نفاذ لإفسادهم كان في علمي الحديث الشريف، وعلم اللغة العربية، وقد تساقط في حبائلهم كثير ممن لم ينشأ على أصالة التعليم، أو أصالة التَّلَقِي عن الأشياخ.
و لا مجازفة إن قيل: إن أهلك من سقط في مصائدهم من العصريين اثنان:
الأول: ذلك الفاجر الألد محمود أبو رية، الذي أعمل قلمه لتعطيل الاحتجاج بالسنة النبوية، وأنها من نسج اليهود ... و هو باختصار" ضحية للكيد اليهودي الاستشراقي الذي أصبح فيه بعد ذلك فارساً لا يجارى" و انظر الأنوار الكاشفة للمعلمي (133).
والثاني: هو حليف هذا السابق في الإفساد، ألا و هو الشقي طه حسين، الذي حاول الإزراء بالعربية وأهلها لشعوبيته الفائحة. ولقد اسْتُغْفِلَ العالم العربي لا سيما من خُدِعُوا به مدة من الزمن حينما عُيِّنَ هذا العدو (طه حسين) عميداً للأدب العربي! كيف وهو يعمل على إسقاط دعائمه، وتقويض خيامه؟!
والذي نقله عنه الدكتور محمد من اعتقاده في الكتاب العزيز زندقة واضحة؛ لأنها طعن في الذكر الحكيم، و تكذيب لخبر الباري جل وعلا.
ولا غرو أن يكون هذا شأن طه حسين مع العربية وأهلها؛ لأنه (فريسة المستشرقين) مع شعوبية نتنة تظهر من كتاباته، و هذا هو السبب الأكبر في حقده على العرب، وتسخيفه لدواوينهم، ولمزه لما دان به أكابر فحول العربية.
ولقد كشف سوأته تلميذه الأستاذ الأديب العالم محمود شاكر في كتابه "أباطيل وأسمار"، وذكر عنه حقائق تبيَّنُ امتدادَ يَدِهِ للعبث بهذا الكيان العربي الجليل، والله حسيب كل مفسد.
وقد صنف هذا الشعوبي الحاقد كتابه حديث الأربعاء وعلا فيه بمعوله على العربية وأهلها، وخص القرن الثاني عشر بحظ وافر فقال عنه: إنه عصر شك في كل شيء، وعصر مجون و تهتك في الحياة العلمية، وفي القول أيضاً ... وعصر افتتان وإلحاد عن الأخلاق المألوفة، والعادات الموروثة والدين أيضاً) وقد نقل عنه الأستاذ وليد الأعظمي ما يكشف ستره في كتابه الماتع "السيف اليماني في نحر الأصفهاني صاحب الأغاني" فانظر لو تكرمت (47 - 51) والله ربي وربك.
حاشية
1 - هذه الثلاثة أسماء متباينة لحقيقة واحدة كما قال الأديب الذواق محمود شاكر في أباطيل و أسمار (215).
¥