تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولازالت الأعياد لبسك بعده ... تسلم مخروقاً وتعطي مجددا

فذا اليوم في الأيام مثلك في الورى ... كما كنت فيهم أوحداً كان أوحدا

هو الجد حتى تفضل العين أختها ... وحتى يكون اليوم لليوم سيدا

يتبع ....

ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[10 - 10 - 2007, 11:03 م]ـ

4 - الشكوى وندب الحال:

ولا يخلو العيد في كثير من الأحيان من منغصات قد يتعرض لها الشاعر خاصة في نفسه أو أهله وقد عبر عن ذلك كثير من الشعراء في قصائد خلدها التاريخ، يكاد من يقرؤها يشارك الشاعر معاناته ويلامس صوره وأحاسيسه، ولعل أشهر ما قيل في ذلك دالية المتنبي في وصف حاله بمصر والتي يقول في مطلعها:

عيدٌ بأيّةِ حالٍ جِئْتَ يا عيدُ ... بما مضى أم بأمْرٍ فيكَ تجديدُ

أمّا الأحِبة فالبيداءُ دونَهم ... فليت دونك بيداً دونهم بيدُ

وما شكوى المعتمدُ بن عباد بعد زوال ملكه، وحبسه في (أغمات) بخافية على أي متصفح لكتب الأدب العربي؛ حين قال وهو يرى بناته جائعات عاريات حافيات في يوم العيد:

فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا ... وكان عيدك باللّذات معمورا

وكنت تحسب أن العيد مسعدةٌ ... فساءك العيد في أغمات مأسورا

ترى بناتك في الأطمار جائعةً ... في لبسهنّ رأيت الفقر مسطورا

معاشهنّ بعيد العزّ ممتهنٌ ... يغزلن للناس لا يملكن قطميرا

أفطرت في العيد لا عادت إساءتُه ... ولست يا عيدُ مني اليوم معذورا

وكنت تحسب أن الفطر مُبتَهَجٌ ... فعاد فطرك للأكباد تفطيرا

ويبث الشاعر العراقي السيد مصطفى جمال الدين شكوى أيام صباه الأولي في قصيدة رائعة قال فيها:

العيدُ أقبلَ تُسْعِدُ الأطفالَ ما حملتْ يداه

لُعَباً وأثواباً وأنغاماً تَضِجُّ بها الشِّفاه

وفتاكَ يبحثُ بينَ أسرابِ الطفولةِ عن (نِداه)

فيعودُ في أهدابه دَمْعٌ، وفي شفتيه (آه)

ويقول في قصيدة أخرى:

هذا هو العيدُ، أينَ الأهلُ والفرحُ

ضاقتْ بهِ النَّفْسُ، أم أوْدَتْ به القُرَحُ؟!

وأينَ أحبابُنا ضاعتْ ملامحُهم

مَنْ في البلاد بقي منهم، ومن نزحوا؟!

وفي قصيدة ثالثة يقول:

يا عيدُ عرِّجْ فقد طالَ الظّما وجَفَتْ ... تِلكَ السنونُ التي كم أيْنَعَتْ عِنَبا

يا عيدُ عُدنْا أعِدْنا للذي فرِحَتْ ... به الصغيراتُ من أحلامنا فخبا

مَنْ غيّبَ الضحكةَ البيضاءَ من غَدِنا ... مَنْ فَرَّ بالفرحِ السهرانِ مَنْ هَربَا

لم يبقَ من عيدنا إلا الذي تَرَكَتْ ... لنا يداهُ وما أعطى وما وَهَبا

من ذكرياتٍ أقَمنا العُمرَ نَعصِرُها ... فما شربنا ولا داعي المُنى شَرِبا

يا عيدُ هَلاّ تَذَكرتَ الذي أخَذَتْ ... منّا الليالي وما من كأسِنا انسَكَبا

وهل تَذَكَّرتَ أطفالاً مباهِجُهُم ... يا عيدُ في صُبْحِكَ الآتي إذا اقتربا

هَلاّ تَذَكَّرتَ ليلَ الأَمسِ تملؤُهُ ... بِشْراً إذا جِئْتَ أينَ البِشْرُ؟ .. قد ذَهَبا

يتبع ....

ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[10 - 10 - 2007, 11:04 م]ـ

5 - العيد خلف قضبان السجن:

ويتعرض بعض الشعراء لمحنة السجن والانقطاع عن الأهل والأحباب والأبناء، ويأتي العيد؛ وهم خلف القضبان، فتثور في نفوسهم الذكريات؛ فهذا الشاعر عمرو خليفة النامي الذي كتب قصيدته (يا ليلة العيد) وهو بين قضبان السجون يصوّر فيها ما يعانيه هو وأحباؤه من مأساة الظلم والطغيان، فما أشد ما يلاقيه الشاعر وهو في زنزانة ضيقة تطوف بخاطره وخياله صورة أطفاله وأبنائه وهم ينتظرونه في ليلة العيد، حتى يصور الشاعر نفسه كأنه يبصر أولاده والدمع ينهمر من أعينهم شوقًا إليه، فكيف تكون فرحة الأطفال بالعيد والآباء يرسفون في السلاسل والقيود؟:

يا ليلة العيد كم أقررت مضطربًا ... لكن حظي كان الحزن والأرق

أكاد أبصرهم والدمع يطفر من ... أجفانهم ودعاء الحب يختنق

يا عيد، يا فرحة الأطفال ما صنعت ... أطفالنا نحن والأقفال تنغلق

ما كنت أحسب أن العيد يطرقنا ... والقيد في الرسغ والأبواب تصطفق

إنها مشاعر جياشة تثور مع عودة العيد على المعتقلين في السجون خصوصًا إذاكان السجن ظلمًا، فتثور الذكريات ويعيش كل منهم ذكرياته مع الأهل والأصدقاء والأطفال، يقول الشيخ إبراهيم عزت في يوم العيد:

اليومَ عيد

قد عشتُ فيه ألفَ قصةٍ حبيبةِ السِّمات

أردِّدُ الأذانَ في البُكور

أراقبُ الصغارَ يمرحونَ في الطريقِ كالزُّهور

وهذه تحيةُ الصَّباح

وهذه ابتسامةُ الصديقِ للصديق

الكلُّ عائدٌ بفرحةٍ تطلُّ مشرِقة

من الشفاهِ والعيون

ودارُنا ستنتظر

صغيرتي ستنتظر

والشُّرفةُ التي على الطريقِ

تسمَعُ الصدور

تعزفُ الأشواقَ

تعصِرُ الأسى

هشامُ لن ينام

قد كان نومه على ذراع والده

نهادُ لن تذوقَ زادَها

لأنها تعوّدتْ أن تبدأَ الطعامَ من يدِ الأسير

شريكةُ الأسى بدا جناحُها الكسير

تُخَبِّئُ الدُّموعَ عن صغارِها

وحينما يلفُّها السُّكون

سترتدي الصَّقيع

كي تقدّمَ الحياةَ للرضيع

أما الأهل في خارج السجن فلم يكن حالهم بأفضل من حال من بداخله حيث يصف الطاهر إبراهيم ذلك حين يقول:

يا رب هذا العيد وافى والنفوس بها شجون

لبس الصغار جديدهم فيه وهم يستبشرون

بجديد أحذية وأثواب لهم يتبخترون

ولذيذ حلوى العيد بالأيدي بها يتخاطفون

وهناك خلف الباب أطفال لنا يتساءلون

أمي صلاة العيد حانت أين والدنا الحنون؟

إنا توضأنا -كعادتنا - وعند الباب (أمي) واقفون

زفرت تئن وقد بدا في وجهها الألم الدفين

ورنت إليهم في أسى واغرورقت منها العيون

العيد ليس لكم أحبائي فوالدكم سجين

يتبع ....

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير