ومختلفٌ في أيهم المتقدم، ولم يبق أحد من شعراء عصرهم إلا تعرض لهم فافتضح وسقط
وبقوا يتصاولون، على أن الأخطل إنما دخل بين جرير والفرزدق في آخره أمرهما وقد أسن
ونفد أكثر عمره. وهو وإن كان له فضله وتقدمه فليس نجره من نجار هذين في شيء، ( ops وله
أخبار مفردة عنهما ستذكر بعد هذا مع ما يغنى من شعره.
أبي عبيدة معمر بن المثنى، بنسب جرير على ما ذكرته وسائر ما أذكره في الكتاب من
أخباره فأحكيه عن أبي عبيدة أو عن محمد بن سلام. قالوا جميعاً:
وأم جرير أم قيس بنت معيد بن عمير بن مسعود بن حارثة بن عوف بن كليب بن يربوع.
وأم عطية النوار بنت يزيد بن عبد العزى بن مسعود بن حارثة بن عوف بن كليب.
قال أبو عبيدة ومحمد بن سلام ووافقهما الأصمعي فيما أخبرنا به أحمد بن عبد العزيز عن
عمر بن شبة عنه: اتفقت العرب على أن أشعر أهل الإسلام ثلاثة: جرير والفرزدق
والأخطل، واختلفوا في تقديم بعضهم على بعض. قال محمد بن سلام: والراعي معهم في
طبقتهم ولكنه آخرهم، والمخالف في ذلك قليل. وقد سمعت يونس يقول: ما شهدت
مشهداً قط ذكر فيه جرير والفرزدق فاجتمع أهل المجلس على أحدهما. وكان يونس فرزدقياً
قال ابن سلام: وقال ابن دأب: الفرزدق أشعر عامةً وجرير أشعر خاصةً. وقال أبو
عبيدة: كان أبو عمرو يشبه جريراً بالأعشى، والفرزدق بزهير، والأخطل بالنابغة، قال أبو
عبيدة: يحتج من قدم جريراً بأنه كان أكثرهم فنون شعر، وأسهلهم ألفاظاً، وأقلهم تكلفاً،
وأرقهم نسيباً، وكان ديناً عفيفاً. وقال عامر بن عبد الملك: جرير كان أشبههما وأنسبهما.
ونسخت من كتاب عمرو بن أبي عمرو الشيباني: قال خالد بن كلثوم: ما رأيت أشعر من
جرير والفرزدق، قال الفرزدق بيتاً مدح فيه قبيلتين وهجا قبيلتين، قال:
عجبت لعجلٍ إذ تهاجي عبيدها = كما آل يربوعٍ هجوا آل دارم
يعني بعبيدها بني حنيفة. وقال جرير بيتاً هجا فيه أربعة:
إن الفرزدق والبعيث وأمه وأبا البعيث لشر ما إستار
قال: وقال جرير: لقد هجوت التيم في ثلاث كلمات ما هجا فيهن شاعر شاعراً قبلي،
قلت:
من الأصلاب ينزل لؤم تيمٍ = وفي الأرحام يخلق والمشيمجرير وطبقته من الشعراء:
وقال محمد بن سلام: قال العلاء بن جرير العنبري وكان شيخاً قد جالس الناس: إذا لم
يجيء الأخطل سابقاً فهو سكيتٌ، والفرزدق لا يجيء سابقاً ولا سكيتاً، وجرير يجيى
سابقاً ومصلياً وسكيتاً.
وجرير يجيء سابقاً ومصلياً وسكيتاً. قال ابن سلام: وتأويل قوله: إن الأخطل خمساً أو
ستاً أو سبعاً طوالاً روائع غرراً جياداً هو بهن سابق، وسائر شعره دون أشعارهما، فهو
فيما بقي بمنزلة السكيت - والسكيت: آخر الخيل في الرهان - والفرزدق دونه في هذه
الروائع وفوقه في بقية شعره، فهو كالمصلى أبداً - وهو الذي يجيء بعد السباق وقبل
السكيت - وجرير له روائع هو بهن سابق، وأوساطٌ هو بهن مصلٍّ، وسفسافاتٌ هو بهن
سكيت.
قال محمد بن سلام: ورأيت أعرابياً من بني أسد أعجبني ظرفه
وروايته، فقلت له: أيهما عندكم أشعر؟ قال: بيوت الشعر أربعة: فخرٌ ومديح وهجاء ونسيب،
وفي كلها غلب جرير (وضعها اخي رعد في بداية الموضوع)
قال أبو عبد الله محمد بن سلام: وبيت النسيب عندي:
فلما التقى الحيان ألقيت العصا = ومات الهوى لما أصيبت مقاتله
قال كيسان: أما والله لقد أوجعكم يعني في الهجاء. فقال: يا أحمق! أو ذاك يمنعه أن
يكون شاعراً!
تهمة .. أينك يا رؤبة
أخبرني عم أبي عبد العزيز بن أحمد قال حدثنا الرياشي قال قال الأصمعي وذكر جريراً
فقال:
كان ينهشه ثلاثة أوربعون شاعراً فينبذهم وراء ظهره ويرمي بهم واحداً واحداً، ومنهم
من كان ينفحه فيرمي به، وثبت له الفرزدق والأخطل. وقال جرير: (((والله ما يهجوني الأخطل
وحده وإنه ليهجوني معه خمسون شاعراً كلهم عزيزٌ ليس بدون الأخطل، وذلك أنه كان إذا
أراد هجائي جمعهم على شراب، فيقول هذا بيتاً وهذا بيتاً، وينتحل هو القصيدة بعد أن
يتمموها.)))
قال ابن سلام: وحدثني أبو البيداء الرياحي قال قال الفرزدق: إني وإياه لنغترف من بحر
واحد وتضطرب دلاؤه عند طول النهر.
الأخطل
وقال ابن النطاح حدثني عبد الله بن رؤبة بن العجاج قال:
كان أبو عمرو يفضل الأخطل.
وقال ابن النطاح حدثني عبد الرحمن بن برزج قال: كان حماد يفضل الأخطل على جرير
¥