تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عفواً، فإني إن رثيتُ فإنّما =أرثي بفاتحة الرثاء رثائي

عفواً، فإني مَيِّتٌ يا أيُّها =الموتى، وناجي آخر الأحياء!

"ناجي العليُّ" لقد نجوتَ بقدرةٍ =من عارنا، وعلَوتَ للعلياءِ

إصعدْ، فموطنك السّماءُ، وخلِّنا =في الأرضِ، إن الأرضَ للجبناءِ

للمُوثِقينَ على الّرباطِ رباطَنا =والصانعينَ النصرَ في صنعاءِ

مِمّن يرصّونَ الصُّكوكَ بزحفهم =ويناضلونَ برايةٍ بيضاءِ

ويُسافِحونَ قضيّةً من صُلبهم =ويُصافحونَ عداوةَ الأعداءِ

ويخلِّفون هزيمةً، لم يعترفْ =أحدٌ بها .. من كثرة الآباءِ!

إصعَدْ فموطنك المُرّجَى مخفرٌ =متعددُ اللهجات والأزياءِ

للشرطة الخصيان، أو للشرطة =الثوار، أو للشرطة الأدباءِ

أهلِ الكروشِ القابضين على القروشِ =من العروشِ لقتل كلِّ فدائي

الهاربين من الخنادق والبنادق =للفنادق في حِمى العُملاءِ

القافزين من اليسار إلى اليمين =إلى اليسار كقفزة الحِرباءِ

المعلنين من القصورِ قصورَنا =واللاقطين عطيّةَ اللقطاءِ

إصعدْ، فهذي الأرض بيتُ دعارةٍ =فيها البقاءُ معلّقٌ ببغاءِ

مَنْ لم يمُت بالسيفِ مات بطلقةٍ =من عاش فينا عيشة الشرفاء

ماذا يضيرك أن تُفارقَ أمّةً =ليست سوى خطأ من الأخطاءِ

رملٌ تداخلَ بعضُهُ في بعضِهِ =حتى غدا كالصخرة الصمّاءِ

لا الريحُ ترفعُها إلى الأعلى =ولا النيران تمنعها من الإغفاءِ

فمدامعٌ تبكيك لو هي أنصفتْ =لرثتْ صحافةَ أهلها الأُجراءِ

تلك التي فتحَتْ لنَعيِكَ صدرَها =وتفنّنت بروائعِ الإنشاءِ

لكنَها لم تمتلِكْ شرفاً لكي =ترضى بنشْرِ رسومك العذراءِ

ونعتك من قبل الممات، وأغلقت =بابَ الرّجاءِ بأوجُهِ القُرّاءِ

وجوامعٌ صلّت عليك لو انّها =صدقت، لقرّبتِ الجهادَ النائي

ولأعْلَنَتْ باسم الشريعة كُفرَها =بشرائع الأمراءِ والرؤساءِ

ولساءلتهم: أيُّهمْ قد جاءَ =مُنتخَباً لنا بإرادة البُسطاء؟

ولساءلتهم: كيف قد بلغوا الغِنى =وبلادُنا تكتظُّ بالفقراء؟

ولمنْ يَرصُّونَ السلاحَ، وحربُهمْ =حبٌ، وهم في خدمة الأعداءِ؟

وبأيِّ أرضٍ يحكمونَ، وأرضُنا =لم يتركوا منها سوى الأسماءِ؟

وبأيِّ شعبٍ يحكمونَ، وشعبُنا =متشعِّبٌ بالقتل والإقصاءِ

يحيا غريبَ الدارِ في أوطانهِ =ومُطارَداً بمواطنِ الغُرباء؟

لكنّما يبقى الكلامُ مُحرّراً =إنْ دارَ فوقَ الألسنِ الخرساءِ

ويظلُّ إطلاقُ العويلِ محلّلاً =ما لم يمُسَّ بحرمة الخلفاءِ

ويظلُّ ذِكْرُكَ في الصحيفةِ جائزاً =ما دام وسْطَ مساحةٍ سوداءِ

ويظلُّ رأسكَ عالياً ما دمتَ =فوق النعشِ محمولاً إلى الغبراءِ

وتظلُّ تحت "الزّفتِ" كلُّ طباعنا =ما دامَ هذا النفطُ في الصحراءِ!

القاتلُ المأجورُ وجهٌ أسودٌ =يُخفي مئاتِ الأوجه الصفراءِ

هي أوجهٌ أعجازُها منها استحتْ =والخِزْيُ غطَاها على استحياءِ

لمثقفٍ أوراقُه رزمُ الصكوكِ =وحِبْرُهُ فيها دمُ الشهداء

ولكاتبٍ أقلامُهُ مشدودةٌ =بحبال صوت جلالةِ الأمراء

ولناقدٍ "بالنقدِ" يذبحُ ربَّهُ =ويبايعُ الشيطانَ بالإفتاءِ

ولشاعرٍ يكتظُّ من عَسَلِ النعيمِ =على حسابِ مَرارةِ البؤساءِ

ويَجرُّ عِصمتَه لأبواب الخَنا =ملفوفةً بقصيدةٍ عصماءِ!

ولثائرٍ يرنو إلى الحريّةِ =الحمراءِ عبرَ الليلةِ الحمراءِ

ويعومُ في "عَرَقِ" النضالِ ويحتسي =أنخابَهُ في صحَة الأشلاءِ

ويكُفُّ عن ضغط الزِّنادِ مخافةً =من عجز إصبعه لدى "الإمضاءِ"!

ولحاكمٍ إن دقَّ نورُ الوعْي =ظُلْمَتَهُ، شكا من شدَّةِ الضوضاءِ

وَسِعَتْ أساطيلَ الغُزاةِ بلادُهُ =لكنَها ضاقتْ على الآراءِ

ونفاكَ وَهْوَ مُخَمِّنٌ أنَّ الرَدى =بك مُحْدقُ، فالنفيُ كالإفناءِ!

الكلُّ مشتركٌ بقتلِكَ، إنّما =نابت يَدُ الجاني عن الشُّركاءِ

ناجي. تحجّرتِ الدموعُ بمحجري =وحشا نزيفُ النارِ لي أحشائي

لمّا هويْتَ هَويتَ مُتَّحدَ الهوى =وهويْتُ فيك موزَّعَ الأهواءِ

لم أبكِ، لم أصمتْ، ولم أنهضْ =ولم أرقدْ، وكلّي تاهَ في أجزائي

ففجيعتي بك أنني .. تحت الثرى =روحي، ومن فوقِ الثرى أعضائي

أنا يا أنا بك ميتٌ حيٌّ =ومحترقٌ أعدُّ النارَ للإطفاءِ

برّأتُ من ذنْبِ الرِّثاء قريحتي =وعصمتُ شيطاني عن الإيحاءِ

وحلفتُ ألا أبتديك مودِّعاً =حتى أهيِّئَ موعداً للقاءِ

سأبدّلُ القلمَ الرقيقَ بخنجرٍ =والأُغنياتِ بطعنَةٍ نجلاءِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير