ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[24 - 06 - 2008, 12:02 ص]ـ
تخميس قصيدة لسان الدين بن الخطيب لأحد بني صباغ
أيا جاهلا غره ما يفوت = و ألهاه حال قليل الثبوت
تأمل لمن بعد أنسٍ يصوت = بعدنا وإنَّ جاورنا البيوت
و جئنا بوعظ ونحن صموت
لقد نلت من دهرنا رفعة = تقضت كبرق مضى سرعة
فهيهات ترجوا لها رجعة = و أصواتنا سكنت دفعة
كهجر الصلاة تلاه تفوت
بدا لي من العز وجه شباب = يؤمل سيبي وبأسي يهاب
فسرعان مزق ذاك الإهاب = و مدت وقد أنكرتنا الثياب
علينا نسائجها العنكبوت
فآها لعز تقضي مناما = منحنا به الجاه دوما كراما
و كنا نسوس أموراً عظاما= و كنا عظاماً فصرنا عظاماً
و كنا تقوت فها نحن قوت
و كنا لذا الملك حلي الطلا = فآها عليه زماناً خلا
نعوض من جدة بالبلى = و كنا شموس سماء العلا
غربن فناحت علينا السموت
تعودت بالرغم صرف الليالي = و حملت نفسي فوق احتمالي
و أيقنت أنَّ سوف يأتي ارتحالي = و من كان منتظراً للزوال
فكيف يؤمل منه الثبوت
هو الموت يا ما له من نبا = يجوز الحجاب إلى من أبى
و يألف أخذ سنى الحبا = فكم أسلمت ذا الحسام الظبا
و ذا البخت كم جدلته البخوت
هو الموت أفضح من عجمةٍ = و أيقظ بالوعظ من نومةٍ
و سلى عن الحزن ذا حرقةٍ = فكم سيق للقبر في خرقةٍ
فتى ملئت من كساه التخوت
تقضى زماني بعيش خصيب = و عندي لذنبي انكسار المنيب
و ها الموت قد صبت مني نصيبي = فقل للعدا ذهب أبن الخطيب
و فات ومن ذا الذي لا يفوت
مضى أبن الخطيب كمن قبله = و من بعده يقتفي سبله
و هذا الردى ناثر شمله = فمن كان يفرح منهم له
فقل يفرح اليوم من لا يموت
هو الموت عم فما للعدا = يسرون بي حين دقت الردى
و من فاته اليوم يأتي غداً = سيبلي الجديد إذا ما المدى
تتابع آحاده والسبوت
أخي توخ طريق النجاة =و قدم لنفسك قبل الممات
و شمر بجد لمّا هو آتي = و لا تغترر بسراب الحياة
فإنك عما قريب تموت