للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مواجهة الناس بأن يعبدوا الله إلهاً واحداً ويتركوا ما ألفوه هم وآباؤهم من عبادة الآلهة المتعددة لأمر جلل في معيارهم الفكري، وعرفهم الجاهلي تنخلع له قلوبهم، يهبون لرده عن بكرة أبيهم ذوداً عن كيانهم، وإبقاء على معتقدهم القديم.

فليس من اليسير إذن مواجهتهم حالاً بما يكرهون، إذ الإقدام على ذلك -دون تريث وأعمال فكر في أنجع السبل التي تكفل ولو في ظاهر الحال حسن استجابتهم- قد يكون سبباً لصدودهم عنه وعدم قبولهم منه وذلك معناه الاستهداف لسهامه، والتعرض لغضبهم، والوقوع في نقمتهم.

في ظل هذا الموقف تريث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إبلاغ قومه، وصمت، ولعله في ذلك كان يتلمس أفضل السبل التي يمكنه بها إبلاغ ما أمره الله به إليهم بسبيل تكون أقرب إلى الاستجابة فنزل عليه جبريل - عليه السلام - فأمره أن يسرع إلى تبليغ أمر ربه، وإلا تعرض لعذابه، روى الإمام البخاري -في كتاب " خلق أفعال العباد "-. عن أبي الأحوص عن أبيه قال: " أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصعد في النظر وصوب، قلت: إلى م تدعو؟ وعم تنهى؟ قال: " لا شيء إلا الله والرحم " قال: " أتتني رسالة من ربي فضقت بها ذرعاً، ورأيت أن الناس سيكذبونني فقيل لي: لتفعلن أو ليفعلن بك ".

<<  <   >  >>